خلال لقائه مع عدد من المؤثرين الأميركيين المؤيدين لتل أبيب، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: إن أساليب الحروب تغيرت، وعلينا أن نقاتل بالأسلحة المناسبة لساحات المعارك التي نشارك بها وأهمها وسائل التواصل الاجتماعي«، حسبما ورد في مقطع فيديو نشرته المؤثرة اليهودية المحافظة، ديبرا ليا، على منصة»إكس".

ووصف نتنياهو صفقة بيع عمليات تطبيق المقاطع المصورة القصيرة «تيك توك» في الولايات المتحدة، لشركات أميركية وعالمية، بأنها «أهم عملية شراء تجري الآن»، مشيرا إلى أن نتائجها قد تكون «حاسمة».

Ad

وذكر نتنياهو أيضا منصة «إكس» قائلا: «علينا أن نتحدث إلى أيلون ماسك، إنه ليس عدوا، إنه صديق»، مشيرا إلى أنه «إذا أمكن تأمين النفوذ» على منصتي «تيك توك» و«إكس» فإن إسرائيل «ستحصل على الكثير».

جاءت هذه التصريحات لتترجم تخوفات نتنياهو من ازدياد حالة العزلة التي يعيشها الكيان على الساحة الدولية، التي تدلل عليها الكثير من المؤشرات، أحدها بيانات نشرها جيف موريس جونيور، وهو مسؤول تنفيذي سابق في تطبيق المواعدة Tinder، على منصة «إكس»، تُظهر بوضوح أن «إسرائيل تخسر حرب تيك توك»، إذ حظيت مقاطع الفيديو التي تحمل هاشتاغ #standwithpalestine ب 2.9 مليار مشاهدة، في حين أن مقاطع الفيديو التي تحمل هاشتاغ «#standwithisrael» حظيت بنحو 200 مليون مشاهدة فقط.

أيضا، كشف أحدث استطلاعات الرأي الأميركية أن تطبيق «تيك توك» الشهير، أصبح مصدر الأخبار الرئيسي لدى قطاعات كبيرة من الشباب الأميركيين البالغين، متخطيا بذلك المنصات الأميركية الأخرى الشهيرة مثل «فيسبوك» و«يوتيوب».

أدرك نتنياهو أن «تيك توك» هو «أحد الأسلحة المناسبة لساحات المعارك»، تماما، كما أدرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي صرح قبل ذلك، بأنه أحب بشدة هذا التطبيق بعد أن ساعده في إقناع الناخبين الشبان بالتصويت له في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.

كانت هذه هي متطلبات الأمن القومي التي يفرضها قانون يعود لعام 2024، التي قصدها ترامب وهو يوقع، في سبتمبر، أمرا تنفيذيا، لإعلان خطته لبيع عمليات «تيك توك» في الولايات المتحدة إلى اتحاد شركات أميركي، ذكر، حينها، نائب الرئيس جي دي فانس، أن قيمة الشركة الأميركية الجديدة ستبلغ نحو 14 مليار دولار، كاشفا بذلك للمرة الأولى عن سعر للتطبيق الشهير لمقاطع الفيديو القصيرة. بينما أرجأ ترامب تنفيذ القانون الذي يحظر التطبيق ما لم يقم الملاك الصينيون ببيعه حتى 16 ديسمبر المقبل، لاستكمال بعض الإجراءات.

الكثير من التقارير والأوساط، حتى وقت قريب، كانت تجهل الأسباب وراء عودة منصة «تيك توك» للعمل داخل الولايات المتحدة، حتى الآن رغم أن المنصة أوضحت أن لعودتها علاقة مباشرة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ يبدو أنه تدخل بشكل قوي ومؤثر من أجل إعادة التطبيق للعمل مجددا، ورأت أنه من الصعب تحديد أهداف ترامب من إعادة المنصة إلى العمل، لكنهم لاحظوا أنه يستخدمها بكثافة في حملته الانتخابية.

صحيح أنها صفقة استثمارية معتبرة، فحسب تقرير لشركة «أكسفورد للاقتصاد» فإن «تيك توك»، يساهم بأكثر من 24.2 مليار دولار سنويا في اقتصاد الولايات المتحدة، ويساهم عبر أكثر من مسار مختلف، بدءا من المبيعات المباشرة، التي تتم من خلال متاجرها التي وصلت إلى 9.7 مليارات دولار في العام الماضي، مرورا بأرباح المشاهدات التي تقدمها للمستخدمين وحتى أرباح الإعلانات المباشرة التي تعرض في المنصة. وبحسب تقرير المنصة السنوي لأرباح هذه الإعلانات فقط، فقد تخطت 8 مليارات دولار.

لكن ترامب يدرك جيدا أثر منصة «تيك توك» الواضح في المجتمع الأميركي وكيف ساهمت في تغيير دخل العديد من الأفراد، لكنه لا يتعامل، رغم عقليته التجارية والاستثمارية من الدرجة الأولى، مع صفقة «تيك توك» على أنها صفقة استثمارية مربحة، بل كأحد أهم متطلبات الأمن القومي الأميركي، أو بالأحرى، أمنه هو شخصيا وأمن حزبه، وضمان الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وكغيره من المرشحين، وفي استهدافه مغازلة الأغلبية والأقليات بصور متنوعة، وفقا لثقلهم وعددهم وتأثيرهم على صندوق الانتخابات، أدرك ترامب تأثير «تيك توك» على أهم الفئات المستخدمة، «جيل زد»، الذي يتميز بأنه أول جيل نشأ في ظل انتشار واسع للإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، الذي يُعرف أيضا بأنهم «السكان الرقميون الأصليون» ويشتهرون بتوجهاتهم المتنوعة واهتمامهم القوي بالمشكلات الاجتماعية والسياسة الخارجية وقضايا المناخ.

يُقدر عدد «جيل زد» في الولايات المتحدة بنحو 69.31 مليون نسمة. يشمل هذا الجيل الأشخاص المولودين بين عامي 1997 و2012، مما يجعله يشكل حوالي 20% من إجمالي سكان الولايات المتحدة.

أكثر من 40 مليون شاب من «جيل زد» مؤهلون للتصويت في الولايات المتحدة. يشمل ذلك حوالي 8 ملايين ناخب جديد بلغوا سن التصويت منذ آخر انتخابات نصفية في 2022. يمثل هذا الجيل تنوعا ملحوظا، حيث يُعرف حوالي 45% منهم بأنهم من الشباب ذوي الألوان، في إشارة إلى التنوع العرقي والثقافي، ويشمل ذلك 8.8 ملايين لاتيني، و5.7 ملايين شاب أسود، و1.7 مليون أميركي آسيوي، و1.8 مليون شاب متعدد الأعراق. وفق بيانات مركز سيركل التابع لجامعة «تافتس»، الذي يركز على دراسة المشاركة المدنية والتصويت بين الشباب.

أيضا، تشير استطلاعات الرأي إلى أن «جيل زد» يظهر اهتماما كبيرا بالمشاركة في الانتخابات، حيث إن 51% منهم يفضلون المرشحين الديموقراطيين، بينما 30% يفضلون المرشحين الجمهوريين.

ومع ذلك، يوجد قلق بشأن عدم تصويت أكثر من 30% من الشباب بسبب الإحباط من النظام السياسي أو عدم الرضا عن الخيارات المتاحة، وفق مركز سيركل.

تتطلب هذه الفئة العمرية مزيدا من المعلومات والدعوة للتفاعل مع الحملات السياسية، حيث إن 31% من الشباب لا يزالون غير متأكدين ممن سيصوتون له في الانتخابات المقبلة.

وإعمالا، يتمسك ترامب بحسم صفقة تيك توك «لتوفير المعلومات لهذه الفئة»، وضمان التأكد ممن سيصوتون له في الانتخابات المقبلة.