حين أُعلن مشروع «مدينة الكويت لرياضات المحركات» قبل سنوات من تنفيذه، هللنا وفرحنا وظننا أن الكويت أخيراً دخلت مضمار المنافسة مع دول المنطقة في استضافة كبرى بطولات السرعة والإثارة. لكن، كعادة المشاريع الكبرى عندنا تتوقف في منتصف الطريق وعلى الجميع الانتظار.«المدينة» كما يطلق عليها كمسمى وهي بالتأكيد بشكلها الحال لا ترتقي إلى حتى «قرية» كان يُفترض أن تكون مشروعاً ريادياً يُحسب للكويت، لا عليها. مشروع ضخم، خُطط له ليكون الأحدث والأكثر تطوراً على مستوى العالم، لكنه سرعان ما توقف نموه عند المرحلة الأولى، وكأن الطموح نفذ بعد القص الشريطي للافتتاح! المرحلة الثانية التي كانت ستحول المكان إلى وجهة عالمية لرياضة المحركات، تأجلت إلى إشعار غير معلوم، وما نخشاه أن يكون «الإشعار» قد دُفن في أدراج النسيان.اليوم، ما لدينا هو حلبة وفعاليات محدودة وسباقات هواة، لا ترقى لحجم المنشأة ولا لطموحات الشباب الكويتيين المحبين لهذه الرياضة. نعم، وجود هذا المرفق ساعد الشباب على ممارسة شغفهم بشكل آمن، ومنحهم بديلاً حضارياً عن الشوارع العامة، وهذا أمر لا يُستهان به. لكنه يظل نصف إنجاز، لأن النصف الآخر، الأكثر أهمية، هو وضع الكويت على خريطة السباقات العالمية ذات الصيت العالي والعائد الاقتصادي والسياحي الكبير.المطلوب ليس مجرد حلبة للسباق، بل رؤية متكاملة تعيد إحياء المشروع وتستكمل مراحله، وتُحفّز القطاع الخاص للاستثمار فيه، وتجذب البطولات العالمية، فلا يجوز أن نقنع أنفسنا بأن نشاهد منشأة ضخمة تكتفي باستضافة سباقات ثانوية أو فعاليات موسمية لا تسمن ولا تغني من حلم. أما السباقات الكبرى، فمرّت من هنا ولم تتوقف. وفي وقت صارت رياضة المحركات أحد أهم أعمدة التسويق السياحي، وتتنافس دول العالم على استضافة جولاتها الكبرى، تقف الكويت على هامش الحدث، تراقب من بعيد.في الخليج، باتت «الفورمولا 1» تُنظم في أربع دول: البحرين، والسعودية، والإمارات، وقطر، بل إن قطر أيضاً تستضيف جولات «MotoGP» للدراجات النارية، في حين تحوّلت منشآتنا، بكل أسف، إلى موقع لإقامة الحفلات لا البطولات! وحتى لا نفهم من بعض المتصيدين خطأً فإننا لا نقلل من قيمة الفعاليات الترفيهية، لكن مشروعاً ضُخ فيه ما ضُخ من أموال، وتم الترويج له باعتباره علامة فارقة في عالم المحركات، يستحق ما هو أكثر من مجرد سباقات محلية، وموسيقى على الأسفلت!بنلتيمدينة المحركات مشروع فيه بذرة النجاح، لكنه يحتاج إلى من يسقيه بالرؤية والطموح والدعم، أما الاكتفاء بـ«درب السلامة للشباب»، فهو جيد، لكنه لا يصنع مجداً، ولا بطولة... نريد أن نسمع ضجيج المحركات، لا صدى الوعود الوردية بخلفية موسيقية!
مقالات
في المرمى: مدينة المحركات التي لم تتحرك!
09-11-2025