سرعة الدوران في حياتنا اليومية، وانشغالاتنا التي لا يبدو أنها ستنتهي، أفقدتنا الحنين إلى الماضي، إذ لم يعد هناك متسع من الوقت لالتقاط الأنفاس واسترجاع الصور والذكريات. اللياقة الذهنية غير قادرة على مجاراة السلوكيات المتجددة، كذلك عاجزة في أحيانٍ كثيرة عن متابعة الالتزامات العملية والأسرية بشكلٍ دقيق وأكثر حيويةً ونشاطاً.

مثل هذه المتغيِّرات تدخلنا في متاهة البحث عن الذات، ورعب القادم من الأيام، خصوصاً في ظل ما نعيش من تسارع أقل ما يُقال إنه مخيف، في كل خطوة من خطواتنا المليئة بالأحداث، مقابل عجزٍ شبه كامل عن اتخاذ قرارات أو محاولات تُعيد الحياة إلى الطريق الصحيح. 

Ad

نحيا في دائرة مزدحمة بخليط من المفاهيم والأفكار، زخم نفسي، وزحمة أنفاس جاثمة على الصدر، تبحث عن منفذ يُجبرنا على الدخول في طريق تسكنه أوراق الشجر المتناثرة، ودموع الراحلين الذين هجروا أحلامهم على حافة ذلك الطريق.

في كل هذا الضجيج المؤذي، نحتاج إلى أن نثبت لمن حولنا أننا على قيد الحياة، أو على الأقل أننا ضمن ركاب هذه الرحلة، وهذا تحدٍّ لا يقل خطورة عمَّا يدور حولك من شكوك واحتمالات وتكهنات، وأمنيات بأن ترافقك أمواج تعشق أفكارك وخيالك، لا تعرف الغضب أو السخط، ولا تشعر بالملل من سكون ليلةٍ حزينة!

سباق مع الزمن، عين على الساعة، والأخرى تُراقب شراع ذلك المركب الذي يتمايل يميناً ويساراً، تحت أنظار المسافرين التي غلفها الحرمان، وبين أهدابها سراب ينتظر حلماً قد لا يتحقق!