فرع من علم الإدارة يسمى إدارة الأفراد، وفرع آخر منها يسمى العلاقات العامة، لكن علاقات الإنسان المهنية غالباً ما ترتبط بالفرعين معاً، باعتبار أنها ترتبط بمفاهيم إنسانية ومفاهيم مهنية معاً، وأحد الفرعين يتعامل مع البيئة الداخلية للمؤسسة، بينما الفرع الآخر يربط بين المؤسسة وعملائها، ومع ذلك فإن الخطأ الذي يرتكبه أغلبية الإداريين يكمن في فصل علاقاتهم الاجتماعية عن علاقاتهم المهنية، فالعلاقات هي العلاقات وأسسها ذات الأسس، وفصل جزء عن جزء يعني خسارة الجزء المفصول دون داع.

فمثلما تقوم العلاقات المهنية على كوتة مصالح للجهة التي ينتمي الإداري لها فإنه يجب أن تتسبب مصالح الجهة أيضاً في كوتة علاقات إنسانية تخدم الإداري أو توجد له بيئة اجتماعية بعيداً عن بيئة العمل نفسها.

Ad

العلاقات هي العلاقات سواء كانت مهنية أو اجتماعية، وبيئة العمل لا تختلف بأي حال من الأحوال عن البيئة الاجتماعية في الأساليب والأهداف، والإنسان بشقيه الإداري والاجتماعي لابد أن يجمع النوعين معاً ويجانسهما معاً، بحيث تكون مهام العلاقات متعددة، لكن غايتها واحدة.

ولأن حياة الإنسان العامة أكثر شمولاً من حياته المهنية، فإن الصواب أن تكون حياته المهنية في خدمة حياته العامة لا العكس، أي أن يكون الجزء في خدمة الكل لا الكل في خدمة الجزء، فنجاح الإنسان في حياته العامة يعوضه عن أي فشل مهني، لكن نجاحه في حياته المهنية لا يعوضه عن أي فشل في حياته العامة، وأما النجاح في الاثنين فهو غاية الإنسان الناجح.

ولذا فإن علاقات الإنسان وصداقاته يجب أن تخضع للتقييم المستمر، مثلما تخضع أعماله التجارية للتقييم المستمر، ومثلما يجب أن يتخذ قرارات حاسمة في التعامل مع الوحدات التجارية الخاسرة قبل أن تتفاقم الخسارة، فإنه يجب أن يتخذ قرارات حاسمة في التعامل مع العلاقات الاجتماعية الخاسرة قبل أن تتفاقم الخسارة أيضاً.

على الصعيد الشخصي، وإن وصلت إلى بعض النتائج متأخراً، لكني أعترف الآن بأن العلاقات الشخصية وإن كانت دوافعها إنسانية في الأصل إلا أنك تضطر أحياناً إلى تسييلها كما تضطر إلى تسييل الأصول التجارية، فإن كان تسييلها غير مجد فإن الأولى التخلص منها، مثلها مثل الوحدات التجارية الخاسرة، لأنه كلما تأخرت في التخلص منها فإن فاتورة الخسارة ستكون باهظة.

على أن الفشل في العلاقات الاجتماعية يشبه كثيراً الفشل الإداري، حيث من الخطأ الاحتفاظ بصداقات فاشلة، كما من الخطأ إهمال الصداقات الناجحة أو التضحية بها، فالحياة كما عشتها شخصياً وكما عاشها غيري مليئة بالصداقات الناجحة والصداقات الفاشلة، وهي مثلها مثل حياة الإدارة تحتاج إلى تطوير وتجديد للناجح من العلاقات، وإلغاء وتخارج مع الفاشل منها.