تواصلت فعاليات مهرجان «باك ستيج جروب»، في دورته الثانية، بعرضٍ مسرحي جديد بعنوان «غرابيل»، وهو عمل ينتمي إلى فئة العروض التراجيدية، قُدِّم على مسرح المهن الطبية بمنطقة الجابرية.
المسرحية تأليف عبداللطيف الياقوت، وإخراج علي حسين أكبر، ويشارك في بطولتها: فاطمة الطباخ، وشبنم خان، ويعقوب حيات، وضاري النصار، وفراس السالم.
تميَّزت «غرابيل» بطابعها الدرامي المكثف، الذي يعالج قضايا إنسانية واجتماعية بطرحٍ فني يعتمد على الرمزية والتصعيد العاطفي، ما أضفى على العرض عُمقاً فكرياً وأداءً تمثيلياً لافتاً.
«الجريدة» التقت طاقم العمل، حيث قالت الفنانة الطباخ: «القصة كلها تدور حول بيت بيبي عبدالجليل، الإعلامية المرموقة المكروهة والمنبوذة من الناس، التي تعاني مشكلات أسرية غير سوية، تقتل زوجها، وتربِّي أبناءها بقسوة، مبرراتها واهية، لكنها في النهاية تبقى أماً».
وأضافت: «أبناؤها، الذين يعانون الإدمان وغير سويين، يقومون بقتل أمهم، كردِّ فعلٍ على جِراح طفولتهم، لتعود إليهم لاحقاً كشبح، أو لنقل إن هذا الشبح هو ضميرهم الذي يحاول أن يصحو، لكنه لا يستيقظ تماماً».
وأشارت إلى أن شخصية «بيبي» تتسم بالذكاء، مُعلقة: «أتوقع أنها كانت تعرف أنها ستموت على يد أبنائها، لذلك تركت وراءها أدلة وأشرطة تدينهم، لتكون شاهداً عليهم بعد رحيلها، وفي النهاية ينال كل واحدٍ منهم جزاءه في الدنيا».
وأوضحت الطباخ: «الفكرة جميلة وفلسفية، وربما يكون جزء منها حقيقة، وإن كانت صعبة التقبل اجتماعياً، لكنها تحدث»، واصفةً شخصية «بيبي» بأنها نموذج للأم النرجسية، التي تعيش حياة غير سوية، وتعتقد أن لديها مبررات كافية لتصرفاتها.
وتابعت: «قدَّمت من خلال (غرابيل) تجربة مسرحية مميزة. المشاركة مع مجموعة من الشباب منحتني طاقة وحماساً كبيرين، فالجميع كان متحمساً للعمل والإبداع. عندما طُلب مني أداء الدور، لم أتردَّد، لأنني أعشق المسرح، وطالما هناك دراما وخشبة، سأتعامل معها».
ووجهت الطباخ شكرها لمهرجان باك ستيج جروب، مشيدةً بالتجربة التي «جمعت الفنانين من أجيالٍ مختلفة، لنتبادل الخبرات والطاقة الفنية».
من جانبه، أعرب مؤلف المسرحية عبداللطيف الياقوت عن سعادته بنجاح العمل، وتفاعل الجمهور معه، مؤكداً أن فريق العمل بذل جهداً كبيراً ليظهر العرض بالصورة التي شاهدها الجمهور.
وذكر أنه يشارك أيضاً في المهرجان ذاته بعملٍ مسرحي آخر بعنوان «سنموت بعد قليل» يُعرض ضمن فئة المسرح التجريبي، موضحاً أن الفكرة تدور حول مقايضة الحياة، وأن «المسرحية تتناول فكرة فلسفية عن شخصٍ يفتتح مشروعاً يقوم على مبدأ أن كل إنسان يُمكنه مقايضة حياته بحياة شخصٍ آخر. ومن خلال الأحداث نرى خطورة هذا المفهوم، وما يترتب عليه من نتائج مأساوية حين يفكر الإنسان في التخلي عن حياته، أو بيعها مقابل حياة غيره».
بدوره، قال المخرج أكبر إن العمل يسلِّط الضوء على قضايا اجتماعية وأسرية، تتمحور حول عقوق الأبناء تجاه الوالدين، وما يترتب على ذلك من صراعات إنسانية مؤلمة، لافتاً إلى أنه «وضع القصة في قالبٍ يجعل الجمهور في حالتين، هل نتعاطف مع الأم، وهي امرأة نرجسية قاسية تعذِّب مَنْ حولها؟ أم نتعاطف مع الأبناء الذين يثورون عليها، حتى يصل الأمر إلى قتلها؟».
وأكد أنه فخور بمشاركته في مهرجان «باك ستيج جروب»، مشيراً إلى استمراره في التعاون مع المهرجان بدوراته المقبلة، واصفاً إياه بأنه من أهم الفعاليات المسرحية.
ولفت إلى أن إدارة المهرجان وفَّرت جميع الإمكانيات والدعم اللازم لإنجاح العمل، متابعاً: «بعد هذه التجربة، سآخذ فترة استراحة، فأنا حالياً أعمل كمساعد مخرج ومخرج كنترول في مسرحية (اليلوة)، حتى أعود بمشروع جديد بإذن الله».
طاقة فنية إبداعية
أما الفنانة خان، فعبَّرت عن سعادتها الكبيرة بمشاركتها الأولى في «باك ستيج جروب»، مؤكدة أن التجربة كانت مُفعمة بالحماس والتحدي. وقالت: «تعبت كثيراً على الدور، وبذلت كل طاقتي الفنية والإبداعية حتى أقدمه بالشكل الذي يُرضيني ويُرضي الجمهور».
وأوضحت أنها تجسِّد في المسرحية شخصية زينب، الابنة التي تحمل في داخلها الكثير من العُقد النفسية، نتيجة القسوة التي عانتها من والدتها منذ طفولتها، لافتة إلى أنه مع مرور الوقت كبرت مع إخوتها مُحمَّلين بالاضطرابات النفسية والعُقد، حتى يصلوا في النهاية إلى مرحلةٍ مأساوية، وهي قتل أمهم، ظناً منهم أن ذلك سيمنحهم راحةً نفسية وخلاصاً من الماضي المؤلم.