تتحدَّث النفس أحياناً بأفكار ومشاريع وأهداف. وما يرد الفكرة أحياناً ليس ضعفها، بل صوت خافت في الداخل يقول: لقد تأخرت. وتأتي كلمات المرجفين من الخارج لتُصدِّق ذلك الصوت، فإذا بالنفس- بعد عُمرٍ من الخبرة والعطاء- تتردَّد! أيُّ عجبٍ هذا؟ أبعدَ كل ما مررتَ به من تجارب وصقل وابتلاءات علَّمتك المعنى، تشك الآن في قُدرتك على الغرس؟ بل قُل لنفسك: ما زال في العُمر فسحة.
العُمر لا يرد الفكرة، بل يُنضجها. فالخبرة لا تُطفئ الشغف، بل تهذبه، والسنّ لا تُقيد الخطوة، بل تجعلها أكثر وعياً بالاتجاه. فالفكرة التي تولد في النضج، تولد مكتملة العقل والقلب.
تحدَّث إلى نفسك حديثاً إيجابياً: قل لها إنك ما زلت صالحة للغرس، للبدء، وللأثر. فما دام فيك نَفَسٌ، ففيك نَفَسُ الحياة. ألم يقل النبي، صلى الله عليه وسلم: «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليغرسها»؟ فما بالك بعُمرٍ ما زالت فيه أبواب السماء مفتوحة، والأرض تنتظر خُطاك! أما المرجفون، فدعهم يتهامسون في الظل. أنت ابن الضوء، والفكرة التي فيك لا تعرف الغروب. امضِ بثقة مَنْ يعرف أن القدر- حين يُقدّر لعبد- يُهيّئه قبل أن يرفعَه، ويُنضج الفكرة فيه قبل أن يُنبتها في الواقع. «اعقلها وتوكل».
دمتم بود