أصدر الكاتب متعب بن ظمنه رواية «أناشيد طائر الهوما: أزمان محمد الأوزبكي وأحواله»، عن منشورات جدل.وتشكِّل هذه الرواية إضافة نوعية، إذ تمزج بين الحقائق التاريخية وفضاءات الخيال، في معالجة أدبية تتقاطع مع إشكاليات الهوية والمكان والمصير. وبهذه المناسبة، قال بن ظمنه: «لابد لي من الجَهر بِسِرٍ في مُفتتح حديثي، وهو أنني كُنت منذ زمنٍ بعيد مفتوناً بالرواية التاريخية، وتحديداً تلك التي تتفجَّر أحداثها على سهوب الزمن المتشابكة. رواية (أناشيد طائر الهوما: أزمان محمد الأوزبكي وأحواله) تُقارب موضوعات متشابكة في آن، فهي تبسط إشكاليات الهوية والمكان والمصير على أرضية المساءلة والاستنطاق، وهي محاولة تكتسب أهميتها من سيلان الزمن والمكان في عصرنا المُعولم». وتابع: «إنها رحلة في مناخات عصفت بنا جميعاً، خصوصاً عوالمنا المتجاورة بسردياتها الكبرى. تستهويني الرواية التي لا تستسلم كُلية للخيال الجامح المتحرر من كوابح معرفية، لذلك أعمل بشغف على تلوين الحقائق التاريخية بفرشاة الخيال، كي تبدو زاهية التكوين والسمات». وأضاف: «التاريخ ليس مجرَّد صندوق عتيق محدود الحجم والمحتوى، بل هو نهر لا ينضب، وبضاعة لا تنتهي صلاحيتها، والقارئ سيُلاحظ أن خيطاً رفيعاً يشد شخوص رواياتي إلى التاريخ، ويستحثهم للعودة إليه وقراءته بنظرة أكثر اتساعاً ورحابة. من المهم أن تنهض الأحداث على وقائع تاريخية، وتترك فجوات التاريخ لخيال القارئ، كي يتعامل معها معرفياً».رواية ملحميةعن أعماله السابقة، قال بن ظمنه: «بدأت كتابة الرواية الملحمية في (عرش من الرمال) بجزأيها. أرى أن أي رواية ملحمية يجب أن تعطي الأولوية للغة والأسلوب قبل أن يستبد بكاتبها هاجس الحجم. فالروائي يخشى في هكذا حال أن يضيع منه القارئ، بعد أن يلهث في أحداثها، فتنقطع أنفاسه، ويرميها مرهقاً». وحول أهمية اللغة والأسلوب في أعماله، وعمَّا إذا كان يسعى للبساطة أم للتكثيف الأدبي؟ أجاب: «اللغة والأسلوب أجدهما القاعدتين الأساسيتين اللتين تقوم عليهما الرواية، وهذا الأمر يتعلَّق بذائقة القارئ العربي التي وصلت إلى مرحلة رفيعة، بفضل الشعر، الذي هو بلا منازع خيار أبناء العربية؛ أدباً وجمالاً. لكن التحوُّل إلى الرواية يمنح المبدع فرصة كبيرة، نظراً لما تتمتع به من تدفق هائل للتجربة الانفعالية والجمالية، بفضل بنائها الداخلي، وطبيعتها التي تمنح إمكانية اجتراح مساحة تعبيرية أكبر من بقية الأجناس الأدبية الأخرى. ومن ثم، فإن اللغة وتكثيف الصور والأسلوب وابتداع تقنيات سردية غير مألوفة أمر لا يقبل المساومة في نظري».عمل سينمائيوأكد بن ظمنه أن الرواية تلعب دوراً مهماً، لكونها- من دون أدنى شك- تمثل الشكل الإبداعي المناسب لفهم مُجريات الصراع البشري القائم في المجتمعات الإنسانية، وهذا ما يفسِّر تحوُّل الشعراء والأكاديميين والاختصاصيين إلى كتابة الرواية. وبسؤاله عن تفضيله قراءة الروايات أكثر أم الكُتب الفكرية والتاريخية؟ أجاب: «في وقت الفراغ أعود للقراءة، وهي الهواية التي أفضِّلها على الكتابة، وتستهويني الروايات، بغض النظر عن زمنها وتقنياتها السردية. وكذلك كُتب التاريخ، فأنا أجعله في مقدمة العلوم، وقد يكون ذلك نابعاً من حرصي على تجميع الوثائق والمعلومات والتواريخ، والقيام بالمقارنات والتفحص، وأحرص على أن أقرأ التاريخ من منظورات متعددة، وإن كلفني ذلك مشقة الخروج بأسئلة كثيرة، أو الوقوع في لجة التاريخ المنسي أو المسكوت عنه».وعن أعماله القادمة، قال بن ظمنه: «أعكف على إنجاز رواية عن الارتباط والانفكاك الإنساني في خلفية حرب غزو العراق ومأساة الاحتلال، من خلال حادثة تُعيد للهوى اعتباره المفقود. والرواية الثانية هي مسودة شرعت بالعمل عليها منذ أعوام، وتركتها، لأن موعد ولادتها لم يُكتب بعد. وفضلاً عن ذلك، فإنني أدرس بعض عروض تحويل إحدى الروايات إلى عملٍ سينمائي».
توابل - ثقافات
متعب بن ظمنه: «أناشيد طائر الهوما» إضافة نوعية تمزج التاريخ بالخيال
30-10-2025