قبل فترة كتبت مقالاً ذكرت فيه أن الكوكب بدأ يضيق أكثر فأكثر، وكنت أعني أن الحياة لم تعد كما يظن البعض، ولا المشاعر نفسها، وحتى الأيام تبعثرت وتاهت، فالمصالح هي التي تحكم العلاقات، والأجيال تتغير، والأرواح لم تعد تألف غيرها بسهولة!
قبل أسبوع اتصلت بقيادي سابق في وزارة خدمية كنت وما زلت أعتقد أننا نحمل الود لبعضنا خلال عملي صحافياً في صحيفتي «القبس» و«الجريدة» على مدى سنوات طويلة، لكنه لم يرد على المكالمة حتى الآن. في المقابل، فاجأني اتصال دخلت معه في دوامة حزينة، يبلغني بإصابة صديق وأخ وحبيب بمرض خطير، رغم أنني غير متواصل بشكل مستمر، بل أراه في مناسبات نادرة، ونجري اتصالاً هاتفياً كلما سمحت لنا ظروف هذه الدنيا، وأسأل الله القدير أن يلبسه ثوب العافية وجميع المرضى.
مفارقة غريبة ومؤلمة عشتها خلال فترة وجيزة، بين حالتين تؤكدان أننا نجري خلف سراب الدنيا الذي لم ولن يصل إليه أحد، فالجميع يسابق الساعة على أمل الوصول أولاً والفوز ب «لا شيء»، ولا أحد يعلم لماذا وما الفائدة التي سيجنيها زيد أو عبيد! أحياناً، تجذبك مشاغل الدنيا إلى شاطئ بلا هوادة من الأفكار والمتاهات التي نغوص في أعماقها، ونعتقد أننا نتنفس هواء نقياً، رغم أنها مليئة بالمنغصات التي ترافقنا في بعض الأوقات، أحياناً لا تريد من شخص إلا أن يكون بخير وصحة جيدة ليعيش معك في هذا الزمان الغريب، وإن كان على غير اتصال دائم، تتمنى له الخير بالقرب من أولاده وأخوته وأحبائه، في وقت غابت معه الذكرى الطيبة، والكلمة الطيبة والتواصل البريء، ولم يتبق لنا سوى جحود مؤذ، وجفاء لا مثيل له!