​يمثل الرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية، الصادر في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، إضافة حاسمة وأساسية ومهمة في الملفات المفتوحة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، سواء أمام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبتاريخ 19/ 12/ 2024، قد طلبت من هذه المحكمة رأياً استشارياً بخصوص «التزامات إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، وعضواً في منظمة الأمم المتحدة، فيما يتعلَّق بوجود المنظمة وأنشطتها، بما في ذلك وكالاتها وأجهزتها، والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيما يتعلق بها، بما في ذلك ضمان وتيسير توفير المواد الأساسية الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، وكذلك الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية والمساعدة الإنمائية، لمصلحة السكان المدنيين الفلسطينيين، ودعماً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره».

Ad

وقُدِّمت خلال الأشهر الماضية العديد من العروض والحجج من قِبل مختلف الدول والمنظمات الدولية أمام هذه المحكمة، وكان أن صدر رأيها الاستشاري في ثماني نقاط، نلخص أهمها:

- ترى محكمة العدل الدولية أن من واجب دولة إسرائيل، بصفتها القوة المُحتلة، الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والتي تشمل توفير المنتجات الأساسية للحياة اليومية لسكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الماء والغذاء والملابس ومستلزمات النوم والمأوى والوقود، فضلاً عن المواد والخدمات الطبية. كما عليها قبول وتسهيل عمليات الإغاثة التي تُقدم لسكان الأراضي الفلسطينية المُحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، طالما أن هؤلاء السكان لا يحصلون على إمدادات كافية، بما في ذلك عمليات الإغاثة التي تقوم بها الأمم المتحدة ووكالاتها، لا سيما وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، والمنظمات الدولية والدول الأخرى، وعدم عرقلة هذه الإجراءات. ويجب احترام وحماية جميع أفراد فرق الإنقاذ والموظفين الطبيين، فضلاً عن مقارهم، واحترام حق الأشخاص المحميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة المحتجزين لدى دولة إسرائيل في تلقي زيارة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما يجب الالتزام بحظر استخدام المجاعة كوسيلة حرب ضد المدنيين.

 ​- دولة إسرائيل ملزمة، بموجب المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة، بضمان الاحترام الكامل للامتيازات والحصانات الممنوحة للأمم المتحدة، بما في ذلك مؤسساتها وأجهزتها وموظفيها، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 - دولة إسرائيل ملزمة، بموجب المادة الثانية من اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، بضمان الاحترام الكامل لحرمة مباني الأمم المتحدة، بما في ذلك مباني وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، وإعفاء ممتلكات وموجودات المنظمة من أي شكلٍ من أشكال الإكراه.

 ​- دولة إسرائيل ملزمة، بموجب المواد 5، و6، و7 من اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، بضمان الاحترام الكامل للامتيازات والحصانات الممنوحة لموظفي الأمم المتحدة والخبراء الموفدين في مهام لمصلحة المنظمة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي قطاع غزة، وفي كل ما يتعلق بهذه الامتيازات والحصانات.

 ​وصدرت جميع فقرات الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بالإجماع، باستثناء صوت قاضٍ واحد، لكن السؤال المهم الآن: هل ستحترم دولة الاحتلال الإسرائيلي هذا الرأي؟ وهل ستحثها الدول الداعمة لها على احترامه؟

 

* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا