عادت الأزمة بين واشنطن وموسكو إلى مربعها الأول مع فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة من العقوبات الجديدة على روسيا وإلغائه قمته مع رئيسها فلاديمير بوتين في بوادبست، في تطور جاء بعد أيام على استقباله الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في لقاء ساخن ضغط خلاله على كييف للقبول بشروط موسكو.

تأرجح مواقف ترامب بين موسكو وكييف، حوّل الجهود الدبلوماسية التي تقودها إدارته 

لإنهاء حرب أوكرانيا، الى ما يشبه الحلقة المفرغة، تاركاً جميع الأطراف من دون الحد الأدنى على توقع خطواته المقبلة.  

Ad

واعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن «الولايات المتحدة لا تزال عدواً، وعلى روسيا أن تتعامل معها كخصم مباشر»، معتبراً أنه «يتعين الآن تحقيق النصر على الأرض وليس في المكاتب»، في إشارة إلى الاستعداد لتصعيد عسكري في أوكرانيا.

وكتب مدفيديف، على «تليغرام» أمس، «انحاز ترامب الآن تماماً إلى أوروبا المجنونة، وأصبح متضامناً معها. لكنّ هناك جانباً إيجابياً واضحاً لهذا التأرجح الأخير في مساره، فهو يسمح لنا بضرب جميع أوكار نازيي كييف بأسلحة متنوعة، دون الالتفات إلى أي مفاوضات غير ضرورية».

بدورها، أكدت «الخارجية» الروسية أن الأهداف في أوكرانيا «ثابتة»، والعقوبات الأميركية غير مجدية ولا تسهم في إحلال السلام. وشددت  على أن «حل الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا يجب أن يسبق أي نقاش حول وقف النار»، لافتة إلى أن موسكو «مستمرة في الدفاع عن مصالحها وستتخذ إجراءات مناسبة تضمن أمنها واستقرارها».

وفي أحدث تحولاته الحادة لسياسته فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، فجّر ترامب أزمة كبيرة بوجه روسيا بإعلانه فرض حزمة عقوبات هائلة وصفت بالأضخم حتى الآن، استهدفت شركتي النفط الروسيتين العملاقتين «روسنفت» و»لوك أويل» ونحو 30 شركة تابعة لهما، إضافة إلى تجميد أصول روسية في الولايات المتحدة.

كما ألغى الرئيس الأميركي، الذي رفض لعدة أشهر اتخاذ قرار بشأن هذه العقوبات، لقاءه المقرر مع نظيره الروسي في العاصمة المجرية بودابست، معتبراً أن هذه القمة «لن تحقق الهدف المنشود».

وقال ترامب، خلال استقباله وزير خارجية المجر بيتر سيارتو بالبيت الأبيض، «في كل مرّة أتحدث مع فلاديمير، أجري محادثات جيدة لكنها تبقى عقيمة لا تفضي إلى أي اختراق».

 وأضاف: «ألغينا الاجتماع مع الرئيس بوتين. لا يبدو ذلك مناسبا بالنسبة لي. لم نشعر أننا سنحقق النتيجة التي يجب أن نصل إليها. لذلك ألغيته، لكننا سنفعل ذلك في المستقبل، وشعرت أن الوقت قد حان لفرض العقوبات وقد انتظرنا طويلاً وآمل ألا تستمر لفترة طويلة».

وجاءت هذه التطورات بينما أعلن الاتحاد الأوروبي الحزمة 19 من العقوبات ضد موسكو، شملت للمرة الأولى قطاع الغاز الذي وصفته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنه «قلب اقتصاد الحرب الروسية». 

كما أعلنت السويد نيتها بيع أوكرانيا أكثر من 100 مقاتلة من طراز «غريبن إي»، بتمويل من الأصول الروسية المجمدة، في خطوة اعتبرتها موسكو استفزازاً مباشراً.

ورحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالعقوبات الأميركية واصفاً إياها بأنها «رسالة قوية تؤكد أن العدوان لن يمر دون رد». وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا لن تتنازل عن أي شبر من أراضيها لروسيا.

من جانبها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: «نحن سعداء بالمؤشرات التي نتلقاها من الولايات المتحدة»، مضيفة: «يعدّ توافقنا بشأن هذه القضية إشارة مهمة».

وفي حين أعربت الصين عن معارضتها لإجراءات ترامب والاتحاد الأوروبي، التي تمس شركاتها، قالت مصادر في قطاع النفط الهندي إن شركات التكرير الهندية تتجه لخفض وارداتها من النفط الروسي بشكل كبير لضمان امتثالها للعقوبات الأميركية.

وصارت الهند أكبر مشتر للخام الروسي المنقول بحراً والذي يباع بأسعار مخفضة بعد أن امتنعت دول غربية عن الشراء وفرضت عقوبات على موسكو بسبب أوكرانيا.