أخبار الأسبوع الماضي جديرة بالتأمل، ففيها خبر إقامة (مولد) أي حفل ضخم لأحد الأولياء في إحدى البلاد الإسلامية، واهتمت وسائل الإعلام بنقل هذا الحدث الكبير الذي حضره ما يقرب من مليوني إنسان، وأقيمت فيه حلقات الذكر الراقصة والصلوات الجديدة على الطريقة الصوفية الأحمدية، وقيل إن الاهتمام الكبير بالمولد هذا العام جاء نتيجة لتشجيع تلك الدولة ورعايتها للموالد الصوفية المسالمة للوقوف ضد الحركات المتطرفة.

وفوراً انتشرت ردود استنكار علنية بأقلام كثير من الدعاة وطلبة العلم عبر رسائل في الهواتف الذكية تستنكر البدع التي تمارس في المولد وتنبه إلى مخالفتها للسنة النبوية ووقوع بعضها فيما ينافي التوحيد رغم موافقة تلك الدولة ورعايتها لها.

فكان إنكارهم العلني لهذه المظاهر العامة المخالفة للشريعة رداً على الذين لا يجيزون الإنكار العلني على المظاهر والأمور العامة المخالفة للشريعة والتي تبيحها أو ترعاها بعض الدول.

Ad

ولا شك أن الإنكار العلني حسب الاستطاعة المتحصن بالشروط والأدلة من الكتاب والسنة على المظاهر والأمور العلنية المخالفة للشريعة هو الطريق الشرعي السليم الذي مارسه كبار علماء أهل السنة والجماعة الذين أنكروا كذلك الربا ومظاهر الفساد والحفلات الماجنة على الملأ دون أي إساءة للنظام أو الخروج عليه. 

***

وكذلك أرسل لي أحد الإخوة لقاء تلفزيونياً أجرته قناة العربية مع د. خضر محجز وهو أحد أبرز خصوم «حماس» في غزة، حيث اتهم «حماس» بشتى التهم، ولكنه وصف عملية السابع من أكتوبر بأنها كانت «قراراً شخصياً من السنوار» وأنه «كان شخصاً متحكماً وحيداً»، و»معروف أنه ليس سوياً» وأنه «اتخذ القرار فردياً».

هذا المقطع من كلام د. خضر يعتبر رداً على ادعاءات نتنياهو الذي استغل عملية السابع من أكتوبر ليشن حرب إبادة على شعب كامل بسبب عمل شخص واحد أو حتى فصيل معين، وقد أكدنا منذ البداية أن عمله غير جائز شرعاً وهو جريمة حسب القانون الدولي ولذلك حكمت المحكمة الجنائية الدولية بإدانة نتنياهو ووزير حربه، وهذا الذي لم يفهمه البعض الذين هاجموا المقاومة أكثر من هجومهم على العدو الصهيوني، واتهموها بتقديم الذرائع لما فعله نتنياهو، ولا شك أننا لن نستطيع تغيير دفاع نتنياهو ومن معه، ولكن يجب على المسلم أن يدين الصهاينة ولا يكرر ما اعتبروه ذريعة لعملهم الإجرامي لأن ذلك الخطأ لا يبرر الإبادة. 

والآن يكرر كوشنر نفس المأساة، فصرح بالأمس بأنهم لن يسلموا المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها «حماس»، وهو بذلك يدفع أي جائع أو متضرر للقيام بعملية عسكرية جديدة فتكون النتيجة أن تتوقف خطة ترمب، ويبدأ الصهاينة شن حرب إبادة جديدة وبالتالي تهجير أهل غزة وتوسع الكيان المغتصب وإلقاء اللوم من جديد على «حماس».

وهكذا تأتيك الأيام بالأخبار الكاشفة التي توضح ما كان البعض يجهله كما قال طرفة: 

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً 

ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ