قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مبيعات السوق العقاري الكويتي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ 11 عاماً في الربع الثالث من العام الحالي، مدفوعة بنشاط قياسي في القطاع التجاري، رغم تباطؤ نمو القطاعين السكني والاستثماري.

وجاءت المبيعات الإجمالية خلال الربع الثالث أعلى بكثير من المتوسط الربعي للأعوام الخمسة الماضية، والذي يتسم عادة بفتور نسبي في النشاط، مع توجه ملحوظ نحو المناطق الحضرية الخارجية، لا سيما في القطاعين التجاري والاستثماري، مما يشير إلى تزايد الاهتمام بالأصول المؤجرة والمولدة للدخل. وفي المقابل، واصلت مبيعات القطاع السكني نموها بوتيرة محدودة، متأثرة بقيود القدرة على تحمل التكاليف ومحدودية العرض.

Ad

وأضاف التقرير: على صعيد الأسعار، شهد الربع الثالث من العام الحالي تراجعاً نسبياً نتيجة انخفاض أسعار القطاع السكني وتباطؤ نمو أسعار الوحدات الاستثمارية، إلا أن الاتجاه العام للأسعار لا يزال أكثر تفاؤلاً مقارنة بمستويات العام الماضي. وخلال الفترة المقبلة، من التوقع أن يستمر الأداء الإيجابي للسوق، بدعم من التطورات التشريعية المرتقبة، وعلى رأسها قانون التمويل العقاري، بالإضافة إلى توقعات خفض أسعار الفائدة.

وبلغ إجمالي قيمة المبيعات العقارية في الكويت نحو 1.2 مليار دينار خلال الربع الثالث من العام الحالي، مسجلاً نمواً قوياً للربع الثاني على التوالي (24%، على أساس ربعي)، في حين تسارعت وتيرة النمو السنوي (47%، على أساس سنوي)، وهو الأسرع منذ أربع سنوات.

وشهد القطاع التجاري، رغم تقلباته التاريخية، مبيعات قياسية بلغت 441 مليون دينار، نتيجة إبرام عدد من الصفقات الكبرى لقسائم تجارية في محافظة الأحمدي (240 مليون دينار في أغسطس وحده). وفي حال استبعاد النشاط التجاري من إجمالي المبيعات، يلاحظ تباطؤ نمو المبيعات في الربع الثالث (السكنية والاستثمارية) من أعلى مستوى له منذ أربع سنوات بنسبة 61% على أساس سنوي إلى 14.5%.

كما حافظ القطاع الاستثماري على مرونته مع تسجيل مبيعات قدرها 407 ملايين دينار مدعوماً بارتفاع القروض المصرفية الموجهة للقطاع العقاري (+7% على أساس سنوي خلال يوليو وأغسطس)، إلى جانب التعديلات التنظيمية الأخيرة في أنظمة السكن الاستثماري وملكية الأجانب، ومع ذلك تباطأ نمو مبيعات الاستثمار إلى 28% على أساس سنوي، وهو لا يزال مرتفعاً، مقارنة بالمستوى الاستثنائي البالغ 116% في الربع الثاني.

من جهة أخرى، قال التقرير: «بلغت المبيعات السكنية 396 مليون دينار في الربع الثالث، بانخفاض قدره 5.3% على أساس ربعي، لكنها ارتفعت بنسبة 3.2% على أساس سنوي. ويأتي هذا الارتفاع السنوي الطفيف في المبيعات رغم الزيادة الملحوظة في عدد الصفقات بنسبة 15.6% على أساس سنوي، ويمكن تفسير ذلك بأن المبيعات باتت تتركز بشكل متزايد في المناطق ذات الأسعار المنخفضة مثل محافظتي الأحمدي والجهراء.

تباطؤ ارتفاع الأسعار

تباطأت وتيرة ارتفاع أسعار العقارات خلال الربع الثالث من عام 2025، إذ ارتفعت بنسبة 1.4% على أساس سنوي، مقارنة بنمو بلغت نسبته 2.9% في الربع السابق، وفقاً لمؤشر بنك الكويت الوطني لأسعار العقارات.

ويعزى هذا التراجع بصفة رئيسية إلى انخفاض أسعار العقارات السكنية بصورة أكبر (-1.8% على أساس سنوي) مقابل ارتفاع أسعار العقارات الاستثمارية (الشقق والمباني) بوتيرة أكثر اعتدالاً (+5.3% على أساس سنوي)، ورغم استقرار وتيرة انخفاض أسعار المساكن منذ مطلع العام الحالي، إلا أن البيانات تشير إلى استمرار الضغوط التي تؤثر سلباً على الاسعار وإن كانت بوتيرة أقل حدة.

ومن العوامل الرئيسية التي قد تساهم في تعزيز هذا الاتجاه بدء تطبيق قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء، المقرر دخوله حيز التنفيذ في يناير 2026. وفي المقابل، من المتوقع أن يساهم إقرار قانون التمويل العقاري المرتقب، إلى جانب احتمالات خفض أسعار الفائدة، في تعزيز استقرار الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

شراكات استراتيجية

وأفاد «الوطني» بأن المؤسسة العامة للرعاية السكنية بادرت إلى تبني خارطة طريق استراتيجية مؤخراً لتفعيل شراكات تطوير القطاع السكني بالكويت، عبر إطلاق خارطة طريق استراتيجية تهدف إلى إشراك المطورين العقاريين في تنفيذ أولى مشاريع الإسكان بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتشمل المرحلة الأولى من هذه المبادرة ثلاث مناطق رئيسية: المطلاع (2500 وحدة سكنية)، وشرق سعد العبدالله (1200 وحدة)، ومشروعاً مشتركاً في جابر الأحمد وغرب سعد العبدالله (1000 وحدة).

وتهدف المبادرة إلى معالجة النقص الذي يعاني منه القطاع السكني (في ظل ارتفاع الطلبات الإسكانية المسجلة ضمن خطة الدولة إلى 103.110 طلبات حتى منتصف يوليو) وتسريع وتيرة الإنجاز. وفي سياق متصل، وقعت المؤسسة العامة للرعاية السكنية في يوليو عقد الفرصة الاستثمارية لمشروع متعدد الاستخدامات في منطقة القيروان بمساحة 12.575 مترا مربعا، فيما أعلنت عن إحراز تقدم ملموس في مشاريع البنية التحتية الكبرى في مدينتي جنوب سعد العبدالله وجنوب صباح الأحمد، مع توقيع عدد من العقود قبل المواعيد المقررة.

وعلى الرغم من هذا التقدم فإن البيانات الصادرة عن مجلة MEED رصدت تباطؤ إجمالي قيمة المشاريع الإسكانية المسندة خلال الربع الثالث من العام الحالي، إذ تراجعت إلى 20 مليون دينار مقابل 100 مليون في الربع الثاني من 2025.

وأضاف التقرير انه في المقابل، ارتفعت قيمة القروض السكنية التي أقرها بنك الائتمان الكويتي للقسائم الحكومية للربع الثاني على التوالي (+28% على أساس ربع سنوي إلى 61 مليون دينار)، ما يعكس تحولاً إيجابياً بعد فترة من التراجع إلى أدنى مستوياتها المسجلة في أربعة أعوام خلال الربع الأول من العام الحالي. إلا أن قيمة القروض التي تم صرفها سجلت انخفاضاً بنسبة 14% على أساس ربع سنوي لتصل إلى 82 مليون دينار.