شهدت الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي حضوراً استثنائياً للنجمة العالمية كيت بلانشيت، التي حلت ضيفة شرف على المهرجان، وسط احتفاء واسع من الجمهور والنقاد وصناع السينما، وجاءت مشاركتها تتويجاً لمسيرة فنية وإنسانية غنية، إذ كرمها المهرجان بمنحها جائزة «بطلة الإنسانية»، تقديراً لجهودها البارزة في الدفاع عن قضايا اللاجئين ودعم العمل الإنساني من خلال موقعها كسفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلى جانب تميزها الفني الكبير الذي جعلها واحدة من أكثر الممثلات تأثيراً في السينما المعاصرة.

وكان عرض فيلمها الجديد «Father Mother Sister Brother» للمخرج الأميركي جيم جارموش من أبرز محطات المهرجان، حيث امتلأت قاعة العرض بنجوم وصناع السينما الذين حرصوا على مشاهدة الفيلم الذي حصد جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير.

Ad

الفيلم الذي كتبه وأخرجه جارموش يشارك في بطولته نخبة من الأسماء الكبيرة، بينهم توم وايتس وآدم درايفر ومايم بياليك وشارلوت رامبلينغ وفيكي كريبس وسارة غرين وإنديا مور ولوكا سابات، إلى جانب كيت بلانشيت التي قدمت فيه أداءً وُصف بأنه عميق وإنساني، يجمع بين الصمت والدهشة والتأمل في معنى الروابط العائلية الممزقة في عالم يتغير بسرعة.

وفي اليوم التالي لعرض الفيلم، احتضنت قاعة المؤتمرات الكبرى في الجونة جلسة حوارية خاصة مع بلانشيت، أدارتها الإعلامية رايا أبي راشد، وشهدت حضوراً كبيراً من الصحافيين والمهتمين بالفن.

وأكدت النجمة الأسترالية أن السينما في جوهرها فعل إنساني قبل أن تكون فناً بصرياً «وخُلقت لتجمع الناس، لتجعلنا ننظر إلى بعضنا البعض ونتأمل العالم بعيون الآخرين»، وعلى الفنان أن يتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه القضايا التي تمس الإنسان، لا سيما تلك المتعلقة باللاجئين والنازحين، معتبرة أن «القصص الإنسانية هي القلب الحقيقي للسينما».

وتحدثت بلانشيت عن تجربتها الطويلة في العمل الإنساني مع اللاجئين، مؤكدة أن تلك التجربة غيّرت نظرتها إلى العالم وإلى دور الفن في التعبير عن قضايا الإنسان، وقالت إن «السينما وُجدت لتذكّرنا بإنسانيتنا المشتركة، فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه أو الهروب، بل أداة لإعادة بناء الجسور بين البشر».

وأضافت أن اللاجئين والنازحين يعيشون أوضاعاً قاسية، لكنهم رغم ذلك يتمسكون بروح الدعابة والأمل، مشيرة إلى أن هذه القدرة على الصمود والإبداع وسط المعاناة تمنحها إلهاماً لا ينضب، وأكدت أن مسؤولية الفنان لا تقتصر على الشاشة، بل تمتد إلى العالم الحقيقي، لأن الفن «يجب أن يكون مرآة للضمير الإنساني».

وتطرقت إلى مبادرتها الأخيرة لدعم اللاجئين، موضحة أنها منذ عامين شاركت في تأسيس صندوق مخصص لمساندة النازحين واللاجئين حول العالم، يهدف إلى توفير فرص تعليم ودعم نفسي ومجتمعي للفئات الأكثر هشاشة، وهذا المشروع ليس مجرد عمل خيري، بل محاولة لصنع تغيير حقيقي عبر التضامن الإنساني، لأن «كل إنسان يستحق أن يُسمع صوته وأن يعيش بكرامة»، وأكدت أن اللاجئين ليسوا ضحايا فقط، بل أصحاب قصص وقوة وإصرار، «وعلينا أن نراهم كما هم، كبشر يواجهون المجهول بشجاعة، ويمنحوننا درساً في الأمل».