يحاول عضو مجلس ولاية نيويورك، زهران مامداني، التقليل من صِلته بـ «الاشتراكيين الديموقراطيين في أميركا» (DSA)، لكنه لا يخفي تقاطع مواقفه مع أجندتهم الراديكالية.
في عام 2023، ألقى مامداني كلمة أمام مؤتمر وطني للحركة، قال فيها إن «خصوصيتنا نابعة من صِدقنا»، مؤكداً أن منظمته تختلف عن الأحزاب الأخرى، لأنها «تعني ما تقول».
اليوم، وفيما يخوض الانتخابات لمنصب عمدة نيويورك باسم الحزب الديموقراطي، يسعى لإقناع الناخبين بأنه ليس امتداداً لتلك المنظمة التي شكَّلها مايكل هارينغتون عام 1982 لتكون «الجناح اليساري الممكن» داخل النظام الديموقراطي الأميركي.
لكن DSA تغيَّرت جذرياً منذ صعود برني ساندرز في 2016، إذ تضاعف عدد أعضائها من خمسة آلاف إلى ثمانين ألفاً، واتجهت يساراً أكثر من أي وقتٍ مضى، حتى غدت أقرب إلى الاشتراكية الثورية منها إلى الديموقراطية الاجتماعية. برنامجها لعام 2021 دعا إلى تأميم قطاعات التكنولوجيا والتمويل والعقارات، وإلغاء الشرطة والسجون، ومنح حقوق التصويت لغير المواطنين، وسحب الولايات المتحدة من «الناتو»، إضافة إلى دعم «عمليات تغيير الجنس» للقاصرين من دون موافقة الوالدين.
ورغم محاولة مامداني النأي بنفسه، فإنه يُصرُّ على عدم مراجعة هذه البنود واحدةً تلو الأخرى، متذرعاً بأن «برنامجه يختلف». لكنه في الواقع ظل وفياً لنهج الحركة، خصوصاً في مواقفه من إسرائيل. فبعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023، لم يذكر الضحايا الإسرائيليين، بل أدان «إعلان نتنياهو الحرب»، واعتبر «إنهاء الاحتلال وتفكيك الفصل العنصري» الطريق الوحيد للسلام. رفض إدانة شعار «عولمة الانتفاضة»، ولم يتراجع إلا بعد ضغوط من قادة الحزب في نيويورك.
الحركة التي كانت في عهد مؤسسها مؤيدة لإسرائيل ومُعادية للشيوعية، انقلبت اليوم إلى حليف لأنظمة، مثل: فنزويلا، وكوبا، ونيكاراغوا، وانسحبت من «الاشتراكية الدولية»، لتنضم إلى «منتدى ساو باولو»، الذي يضم أحزاباً يسارية متطرفة. في مؤتمرها الأخير، صفق المندوبون لنائب وزير خارجية كوبا، وشارك أعضاؤها في زيارات تضامنية مع نيكولاس مادورو وميغيل دياز كانيل.
مامداني تجنَّب وصف هؤلاء بالدكتاتوريين، حتى اضطر لاحقاً إلى إصدار بيان باهت يعترف فيه بأنهم «حكَّام مستبدون». مع ذلك، ما زال يعتبر نفسه ممثلاً لجناح اشتراكي يطمح لتجاوز الحزب الديموقراطي لا إصلاحه.
والحقيقة أن الحديث عن «انفصاله» عن DSA محض خداع. فمستشاروه ومنسقوه جميعاً من الحركة نفسها، التي تصف نفسها بأنها «من بنت آلته الانتخابية». أما هو، فيتفاخر بأنه جزء من كتلتها داخل مجلس الولاية، وأنه أكثر التزاماً بها من ألكسندريا أوكاسيو كورتيز.
القول إن مامداني اعتدل إهانة لعقيدته وللحركة التي يفخر بانتمائه إليها. فكما قال هو نفسه: «نحن نعني ما نقول»- ويبدو أنه يفعل ذلك حقاً.
* جيمس كيرتشيك