في الآونة الأخيرة، أصبحت بعض التعليقات المتكررة تحت الأخبار والفعاليات «الثقافية» لافتة للنظر، خصوصاً تلك التي تنظمها المؤسسات الثقافية والفنية. هذه التعليقات تكشف عن فجوة واضحة بين الأجيال، حيث يُنظر إلى الندوات الثقافية والتاريخية والمعارض الفنية على أنها أماكن «للأكبر سناً»، أو كما يُطلق عليهم في أوساط الشباب «الشيّاب». وكانت بعض التعليقات تتساءل: «وين الشباب؟».

قبل أيام، دعوت مجموعة من الشباب اليافعين إلى افتتاح معرض «تباعد وتقارب: الفن الصيني في الكويت»، الذي افتُتح في المركز الأمريكاني الثقافي.

Ad

كان هذا الحدث فرصة ثمينة للشباب للاطلاع على فنون جديدة، والتعرُّف على ثقافات أخرى، والاستنارة بتجارب مختلفة. لكن للأسف، كانت ردود بعض الحاضرين من الشباب والنظرات المتبادلة «ما تبشر بخير»، إذ قال أحدهم مستنكراً: «هذه فعاليات شيّاب! الشباب يدورون شيء Fun!»، أي أن ما يبحث عنه الجيل الجديد هو المتعة والترفيه. فتساءلت حقاً: ما هو الـ Fun الذي تبحثون عنه، وأنا أريدكم أن تكتشفوا «الفن»؟!

هذه التعليقات في حقيقتها ليست مجرَّد ملاحظات عابرة، بل هي إشارات حمراء عن توجهات الأجيال الجديدة ومفهومهم للثقافة. فهل لو غاب-على قولتهم- «الشيّاب» عن حضور المعارض والفعاليات، ستخلو المقاعد فعلاً؟ وهل سنخسر الأموال والجهود التي تُصرف على دعم الثقافة والفن؟

الحقيقة أن مسؤولية المؤسسات الثقافية اليوم لا تقتصر على تنظيم الفعاليات فحسب، بل تمتد إلى جذب الجيل الجديد، ودمجه في هذا العالم الغني بالمعرفة والجمال. فاهتمامات الشباب يجب ألا تبقى محصورة في وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو أو الكافيهات والتسكع، بل ينبغي أن تكون الثقافة جزءاً من يومهم، كما هي المتعة والترفيه.

إذا نجحنا في جعل الفعاليات الثقافية ممتعة ومحفزة للفكر، فسيكتشف الشباب أن الثقافة ليست للشيّاب وحدهم، بل هي طريق للوعي وطريق نحو التنمية البشرية.

بالقلم الأحمر: كيف نقنع الشباب بأن هذه الفعاليات ليست مخصصة «للشيّاب»؟!