أكد وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب أن «قانون الإعلام الجديد بات في مراحله الأخيرة، وأنه سيشمل المطبوعات والمرئي والمسموع، ويواكب التطورات التكنولوجية بما يعزز المسؤولية المهنية، ويحافظ على حرية التعبير في إطارٍ من الالتزام بالقيم الوطنية والمجتمعية»، ولا شك أن هذه أهداف جيدة ومطلوبة، ولكن السؤال: هل تخلو منها القوانين الحالية؟
في الكويت حالياً ثلاثة قوانين تنظم هذا الموضوع، هي قانون المطبوعات والنشر، وقانون المرئي والمسموع، وقانون الجرائم الإلكترونية، وفي أصول التشريع، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو السؤال عن سبب تغييرها، وما العيب الموجود في أي قانون يُراد تغييره أو أي مادة منه؟ لأن التغيير يكون لسبب أو لحاجة مجتمعية، لكن الوزير في تصريحاته عن القانون الجديد لم يحدد العيوب الموجودة في القوانين الحالية أو في أي مادة منها.
ولعل الوزير يتذكر أنه قد جرت محاولات لتعديل هذه القوانين في مجلسي الأمة الأخيرين من قِبل اللجنة الإعلامية في المجلس، فطالبوا بإلغاء حماية العملة الوطنية، والنصوص التي تمنع الطعن في القضاء، والنص الخاص بنسبة قول أو فعل مسيء وغير صحيح للأشخاص، كما طالبوا بإلغاء نص «مع عدم الإخلال بأي عقوبة وردت في قانون آخر»، ولأن العقوبات الواردة في قانون المطبوعات الحالي ليس فيها السجن إلا على التعرض للذات الإلهية والأنبياء والصحابة والذات الأميرية، فإن إلغاء النص المشار إليه سيؤدي إلى ممارسة الشتم والقذف في المطبوعات على أوسع نطاق بينما العقوبة في قانون الجزاء هي أشد وأردع، وقد وقف الوزير نفسه وقفة طيبة ضد إلغاء هذه النصوص في المجلس.
لذلك، يريد المتابعون مثلي معرفة أي المواد التي سيتم إلغاؤها أو تعديلها في القانون الجديد وما عيوبها التي تستدعي ذلك؟
والسؤال نفسه مطروح لوزير العدل الذي صرح بأنه سيتم تعديل 250 قانوناً بحلول ديسمبر 2026، مما أثار استغراب كثير من القانونيين والأعضاء المخضرمين وتساؤلهم عن سبب هذه السرعة، كما قام بنشر مسودة قانون جديد للأحوال الشخصية تتضمن تعديل 120 مادة منه، ولكن دون أن يبين أو يعرض للنقاش الشرعي والعلمي سبب هذه التعديلات، وما العيوب الموجودة في أي مادة من القانون، وكيف سيتعامل التعديل مع أي عيب إذا كان موجوداً؟ مع التأكيد أن نشر المذكرة التفسيرية مع القانون المقترح لا يكفي للإجابة عن هذه الأسئلة، خصوصاً أن هناك اجتهادات شرعية كثيرة ومختلفاً حولها وتحتاج إلى نقاشات علنية يشارك فيها أساتذة الشريعة والاجتماع والأسرة، ولا يجوز الاقتصار على جهات محددة، كما يجب عرضها على هيئة الفتوى في وزارة الشؤون الإسلامية حتى يتم التوصل إلى القانون أو التعديل الأنسب والأصلح للأحوال الشخصية للكويت.
وفي الختام، أؤكد للأخوين العزيزين وزيري الإعلام والعدل حرصنا على ما جاء في افتتاحية «الجريدة» قبل أيام من أن عملية سنّ القوانين عملية مهمة ويجب دراسة كل جوانبها، لأنها ستُطبَّق على جميع المواطنين والمقيمين، والتأني والحذر فيها واجب، لأنها تتعامل مع مصالحهم وخصوصياتهم ومستقبلهم.