في ظل صمود اتفاق وقف إطلاق النار لليوم السادس على التوالي بين حركة حماس وإسرائيل، ووسط جهود دبلوماسية لاستكمال تنفيذ بنود المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، صدرت عدة إدانات دولية وفلسطينية لقيام «حماس» بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق أشخاص قالت إنهم «عملاء للاحتلال».

وفي موقف لافت ومباشر، عبّر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن إدانة شديدة للحركة بعد انتشار فيديوهات تُظهر تنفيذ الإعدامات العلنية لنحو 7 أشخاص متهمين من قبل «حماس» بالتعاون مع إسرائيل أو بالتورط في سرقات وأعمال بلطجة.

Ad

وجاء في بيان نشره مكتب رئاسة السلطة في رام الله أمس: «ندين بشدة عمليات الإعدام التي نفذتها حماس في الأيام الأخيرة بحق عشرات المدنيين في غزة دون محاكمة عادلة. هذه جرائم شنيعة وغير مقبولة مهما كان الدافع».

وشددت الرئاسة على أن الإعدامات تمثل «جريمة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويعكس إصرار الحركة على فرض سلطتها بالقوة والإرهاب، في وقت يعاني فيه أبناء شعبنا الويلات في غزة من آثار الحرب والدمار والحصار».

وطالب بيان الرئاسة الفلسطينية «حماس» بالوقف الفوري لهذه الانتهاكات، وحماية العزّل، وضمان محاسبة كل من تورط في هذه الجرائم ضمن إطار القانون والقضاء الفلسطيني الشرعي.

وحملت الرئاسة الحركة «المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي تضر بالمصالح العليا لشعبنا، من حيث السعي لتكريس حكم حماس للقطاع، الذي يعطي ذرائع للاحتلال، وسيتسبب في منع الإعمار وتكريس الانقسام ومنع قيام دولة فلسطين الحرة المستقلة».

في موازاة ذلك، استنكرت وزارة الخارجية الألمانية عمليات الإعدام التي نفذتها «حماس»، مؤكدة أنها «تشكل إرهاباً ضد السكان لكنها لا تؤثر على المساعدات الإنسانية».

ميليشيا وتباين

وفي تطور يعكس حالة الانقسام المتزايدة داخل القطاع، أعلنت جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم «الجيش الشعبي – قوات شمال غزة» أنها باتت تسيطر على «أجزاء واسعة من شمال القطاع»، مؤكدة استعدادها لتأمين المدنيين العائدين إلى تلك المناطق.

وقال متحدث باسم الجماعة في بيان مصوّر نُشر أمس: «نحذر عناصر حركة حماس الإرهابية من الاقتراب من مناطق سيطرتنا، وسنتعامل بحزم مع أي محاولة للتسلل أو فرض نفوذ جديد».

وفي وقت تؤكد «حماس» أنها استهدفت أفراداً متهمين بصلات مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أو ميليشيات منافسة، ذكرت مصادر فلسطينية أن من بين ضحايا الإعدامات الميدانية أحمد زيدان الترابين، المشتبه في قيامه بتجنيد عملاء لميليشيا محلية معارضة للحركة الإسلامية.

وفي حين تتخوف أوساط فلسطينية من اندلاع اقتتال أهلي أو «عملية تطهير» تشنها «حماس» بهدف استعادة سيطرتها على القطاع في ظل توقف الحرب، أعرب الرئيس الأميركي عن تفهمه لقيام الحركة بقتل من وصفهم بعناصر «عصابتين خطيرتين» من أجل حفظ الأمن، مشبهاً ما فعلته بتحرك الولايات المتحدة ضد «عصابات» قالت إن فنزويلا ترسلها باتجاه بلده.

وأقر ترامب في تصريحات على متن طائرته الرئاسية بأن واشنطن منحت الحركة «تفويضاً مؤقتاً لضبط الأمن في غزة» ضمن الاتفاق الذي رعاه بشأن القطاع، مبرراً ذلك بضرورة «استعادة النظام».

وكان لافتاً إعراب ترامب عن عدم انزعاجه من قيام الحركة بالإعدامات الميدانية، وجاء ذلك بعد تصريحات حملت لهجة تهديد شديدة أكد فيها أن الحركة قبلت بنزع سلاحها ضمن خطته، وأنه سيتم تجريدها من السلاح بسرعة وربما بالعنف إذا لم تقم بذلك.

وبين هذين الموقفين، تبدو إدارة ترامب وكأنها تمسك العصا من المنتصف: ترسل رسائل القوة لإرضاء إسرائيل، وتمنح في الوقت ذاته غطاءً محدوداً لـ»حماس» كي تبقي القطاع تحت السيطرة وتمنع الفوضى، في ظل الغموض والفجوات التي تلف خطته بشأن مستقبل القطاع وغياب رؤية واضحة لإيجاد مسار لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

نفي وتشدد

وفي وقت نفت مصادر إسرائيلية بدء المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من خطة ترامب، صرّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه يأمل في أن تكون المرحلة التالية من الاتفاق سلمية، معتبراً أن شروط الرئيس الأميركي بشأن تخلي الحركة عن أسلحتها «واضحة جداً».

وأضاف: «أعتقد أنني سمعت الرئيس ترامب يؤكد أنه في حال لم يحدث ذلك فإن أبواب الجحيم ستفتح». وأضاف نتنياهو، في مقابلة مع قناة (CBS) الأميركية: «إن نزع السلاح يجب أن يكون الخطوة التالية، موضحاً: أولاً، يجب أن تتخلى حماس عن أسلحتها. وثانياً، يجب التأكد من عدم وجود مصانع أسلحة داخل غزة، وعدم تهريب الأسلحة إلى غزة. هذا هو نزع السلاح».

وفي ظل وجود شكوك بشأن مستقبل وقف إطلاق النار وصمود الاتفاق، أكد وزير المالية الإسرائيلي المتشدد بتسلئيل سموتريتش أنه «ستكون هناك مستوطنات يهودية في غزة، لأنه من دون استيطان لا يوجد أمن».

رهائن ومساعدات

إلى ذلك، ذكرت هيئة البث العبرية الرسمية أن القيادة السياسية في إسرائيل قررت فتح معبر رفح «كما كان مقرراً»، ونقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإلغاء الإجراءات العقابية التي كانت مقررة ضد «حماس» بعد تسلم جثامين 4 رهائن إضافية من أصل 24 يُعتقد أنهم في غزة، ليل الثلاثاء – الأربعاء.

وبموجب القرار، فُتح المعبر وفق الخطة المقررة، للسماح بدخول كل المساعدات الإنسانية على متن 600 شاحنة.

وفي حين ذكر الجيش الإسرائيلي أن إحدى الجثث التي سلمتها الحركة لا تتطابق مع أي من أسراه، ذكرت مصادر أن «حماس» أبلغت الوسطاء بأنها تبذل «قصارى جهدها» لتحديد أماكن الجثث المفقودة، مشيرة إلى أن الدمار الواسع الذي لحق بالقطاع ومقتل عدد كبير من عناصرها الميدانيين ممن كانوا يتولون احتجاز الرهائن تسبب في فقدان معلومات تتعلق بمواقعهم.

ميدانياً، تسبب قصف إسرائيلي على جباليا وخان يونس في مقتل فلسطينيين بسادس أيام وقف إطلاق النار.

وفي الضفة، قُتل مواطن فلسطيني إثر تعرضه لاعتداء من قوات الجيش الإسرائيلي في بلدة الرام، فيما كشف مكتب الأسرى عن إصابة القيادي في «فتح» مروان البرغوثي بكسور في أضلاعه جراء تعرضه للضرب في معتقله.