افتتح «بوشهري آرت غاليري» معرضاً فردياً جديداً بعنوان «بين الطين والنور» للفنان المصري محمد عبدالكريم، أحد أبرز فناني الخزف المُعاصرين في المنطقة، والذي تميَّز بأسلوبٍ فني يمزج بين التأمل الروحي والمعالجة الكيميائية للمواد، ليقدم تجربة بصرية ووجدانية متفردة. ويستمر المعرض حتى نهاية الشهر الجاري.
يمتلك عبدالكريم قدرة نادرة على تطويع الطين والنار واللون، حيث يستخدم خبرته الكيميائية لصناعة الطلاءات اللامعة والتركيبات اللونية يدوياً، بعد سنوات طويلة من البحث والتجريب. ورشته تتحوَّل إلى مختبرٍ فني نابض، وتُصبح التفاعلات الكيميائية وسيلةً للتعبير الإبداعي، وتعكس بصمته المميزة في كل قطعة. ويستقي أعماله من التأمل الروحي، والرمزية الشعرية، والذاكرة الثقافية، وتتجلى هذه الأبعاد في تناغم الشكل والسطح واللون، فيما تعبِّر بعض أعماله الأخرى عن تجارب شخصية عميقة وارتباطات عاطفية، ما يجعل كل عملٍ خزفي أشبه بشهادة حسية تعبِّر عن الإيمان والإرث والخصوصية الإنسانية.
وفي تعليقها على المعرض، قالت المديرة والمستشارة الفنية لقاعة بوشهري للفنون، عبير الخطيب: «انفرد الخزاف محمد عبدالكريم بابتكار أسلوب خاص في فن الخزف، حيث لم يكتفِ باستخدام المواد التقليدية، بل سعى إلى اختراع تركيبة مميزة، من خلال بحثٍ معمَّق في خصائص المادة وأساليب معالجتها. وقد طوَّر بنفسه تركيبات لونية مُبتكرة أضفت تأثيرات غير متوقعة، وجعلت ملمس القطع ناعماً، والنتائج بديعة بكل المقاييس. هذا التفرُّد التقني، الممزوج بإحساس روحي عميق، أضفى على أعماله طابعاً إنسانياً وإسلامياً راقياً، حيث نلمس في معظم أعماله حضوراً لاسم الله، عز وجل، وجماليات الحرف العربي. لهذا السبب، نفخر في (بوشهري آرت غاليري) بأن نعرض هذه التجربة الفنية المتميزة. ندعو الجميع إلى زيارة معرضه الملهم».
من جانبه، أعرب الفنان عبدالكريم عن امتنانه لإقامة المعرض، مؤكداً أن التجربة تمثل خطوة جديدة في مساره الفني لربط الجمال الحسي بالبُعد الروحي في الخزف، مشيراً إلى أن الفن الحقيقي، في جوهره، هو «بحث دائم عن الضوء داخل المادة».
وذكر أن المعرض يضم مجموعة من الأعمال الخزفية الحديثة والمعاصرة التي تجسِّد فكرته الأساسية، المتمثلة في الطين، الخامة المستخدمة، وهي خامة الخزف. أما النور، فهو كلام القرآن الكريم، لافتاً إلى أن بعض القِطع تضم آيات قرآنية، مثل آية الكرسي، وأيضاً الاستغفار، إلى جانب أعمال أخرى مستوحاة من أسماء الله الحسنى، إذ تحتوي كل قطعة على أربعةٍ وعشرين اسماً جرى توزيعها بأسلوب فني يعكس التناغم بين الحرف والزخرفة والبنية الشكلية.
وأشار إلى أنه استخدم في أعماله خزفاً خاصاً، و«جليزات» مركَّبة من تصميمه الشخصي.