اللامبالي شخص نرجسي أناني لا يكترث لغير نفسه، دائماً مصلحته الخاصة فوق أي اعتبار، أي إنسان يهتم عادة لمصالحه، ويسعى لتحقيق آماله الذاتية، إلا أن اللامبالي يرى أن مصالحه الذاتية تتقدم على أي أمر آخر، ولو كان تحقيقها يعني خراب الدنيا لا يهمه الآخرون ولا دمار بيوتهم طالما ظل هو وأسرته والمقربون منه فوق كل اعتبار. نسبة كبيرة من أصحاب البلايين عادة لا يهمهم شيء اسمه المصلحة العامة، سواء كانت مصالح الدولة أو المجتمع الذي يحيون فيه، طالما ظلت مصلحتهم الذاتية متحققة.

يقيم مصنعاً يدمر البيئة وصحة الناس ليس من شأنه طالما يدر عليه الأموال. شركاتهم تتلاعب بالأسواق المالية ليحققوا ثروات سريعة، مسألة لا يكترثون لها، ولو أدى ذلك إلى دمار مالي واقتصادي. من يذكر ما حدث عام 2008 وكارثة السوق المالي بأميركا، ثم العالم التابع وإفلاس شركات وبنوك كبرى لولا تدخل الحكومة الأميركية لتنقذهم بدلاً من أن تدعم ضحاياهم الذين فقدوا بيوتهم ومدخراتهم جراء الأزمة.

Ad

غرامشي في كتاب «أكره اللامبالين» يذكر أن معنى أن يحيا المرء هو أن يقاوم، فلا معنى أن يكون الناس أناساً وكفى، أن يكتفوا بالعيش دون الانخراط في شؤون مدينتهم. لا يعرف الإنسان العيش الحق إلا متى كان مواطناً، أي متى يقاوم. اللامبالاة هي التبلد، هي التطفل، هي الجبن، هي نقيض الحياة، لذلك أكره اللامبالين، ويضيف في فقرة ثانية أن ما يحدث ليس نتيجة الفعل الذي يبادر إليه بضعة أفراد، بقدر ما هو لا مبالاة الأغلبية وتقاعسهم... قاعدة لا يجب نسيانها تقرر بأن معظم اللامبالين هم من الموالين للنظام السياسي، لهم امتيازات أن يقولوا ما يشاؤون ولا يمكن مساءلتهم، فهم يستظلون بحائط النظام، بينما دعاة الرأي المخالف لا يملكون غير الصمت.

من يتعظ اليوم من حكمة غرامشي وبعد رؤيته، بل من يكون غرامشي وتلاميذه مثل إدوارد سعيد وتشومسكي ونضالهم التاريخي في عالم اللامبالين الغارقين في مستنقعات ماسك وجيف بيزوس ومن في حكمهما الذين يديرون أميركا والغرب الأوروبي، وخلفهم أنظمة وطن عربي كبير تتبعهم مغمضة العيون.