انطلقت فعاليات «ملتقى السرد»، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في فندق سيمفوني ستايل بمنطقة السالمية، بمشاركة نُخبة من الأدباء والمفكرين العرب، وحضور الأمينة العامة المساعدة لقطاع الثقافة عائشة المحمود.
ويناقش الملتقى قضايا جوهرية في المشهد السردي العربي، من أبرزها: أسئلة حول الرواية العربية، وتحديات القصة القصيرة، وقضايا السرد المهمَّش، إلى جانب مناقشة العلاقة بين الأدب والتاريخ من منظورٍ سردي، وغيرها، فالملتقى هو دعوة للتأمل، والنقاش، وإعادة اكتشاف الحكاية، بوصفها قراءة للإنسان والواقع والخيال.
ويأتي تنظيم الملتقى ضمن إطار احتفالية «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025»، ويتضمَّن سلسلة من البرامج والأنشطة الثقافية والفكرية.
شكر عميق
استهل الملتقى أعماله بكلمة افتتاحية ألقتها الكاتبة والإعلامية ريم الهاجري، بعدها انطلقت أولى جلساته بمحاضرة بعنوان: «السرد والهوية»، قدَّمها شخصية الملتقى، المفكر المغربي د. سعيد بنكراد، وأدارها الروائي طالب الرفاعي.
وعلى هامش المحاضرة، أعرب د. بنكراد عن سعادته بتكريمه، قائلاً: «تواصل معي القائمون على الملتقى، واقترحوا عليّ أولاً تقديم محاضرة حول السرد والهوية، ثم فُوجئت لاحقاً عند تسلُّمي برنامج الفعالية بأنني شخصية الملتقى المُكرَّمة، فشكري العميق لـ (الوطني للثقافة)، وهذا أسعدني كثيراً».
وحول محاضرته (السرد والهوية)، أوضح بنكراد: «حاولت ما أمكن تناول الدور الذي يلعبه السرد في بناء الهوية وتشكلها، وكيفية تدوين الفكرة المركزية كاملة».
وقدَّم خلال المحاضرة أمثلة عديدة، منها: «رغم وجود مئات الرحلات اليومية بين المغرب وفرنسا أو إسبانيا، لا توجد رحلات مباشرة كثيرة إلى الكويت، ومع ذلك، ما يربطنا بالكويت أقوى بكثير مما يربطنا بتلك البلدان، حيث نشترك في اللغة، وأيضاً في مجموعة من المحكيات التي تشكِّل هويتنا».
الصورة الفوتوغرافية
من جانبه، قدَّم المصور البحريني عيسى إبراهيم محاضرة بعنوان: «السرد في الصورة الفوتوغرافية: ذاكرة عين»، تناول فيها قُدرة الصورة على رواية الحكاية من دون الحاجة إلى كلمات، مبيناً أن الصورة الواحدة قد تكون كافية أحياناً للتعبير عن فكرة أو حالة إنسانية، فيما تحتاج في أحيان أخرى إلى مجموعة من الصور المتتابعة لتكوين سردٍ بصري متكامل.
وأشار إبراهيم إلى أن المتلقي قد لا يتمكَّن دائماً من فهم الصورة المفردة بمعزلٍ عن سياقها، لكن من خلال تسلسل الصور يمكن أن تتضح الفكرة العامة، وهو ما يُعرف بـ «السرد الصحافي». تجدر الإشارة إلى أن كتاب «ذاكرة عين» يوثق حصاد رحلات المصور عيسى إبراهيم الفوتوغرافية على مدى سبعة عشر عاماً، موثقاً مشاهداته في مجموعة من الدول، وحياة الناس وأنشطتهم اليومية، وملامحهم الإنسانية، لافتاً إلى أنه جمع حصيلة هذه التجارب في هذا الكتاب.
السرد اللفظي والبصري
ومع تواصل أعمال الملتقى شهد أيضاً جلسة حوارية بعنوان: «تكامل السرد اللفظي والبصري في أدب الطفل»، شاركت فيها: د. وفاء المزغني، وأماني يوسف، والفنانة البصرية المعاصرة والمخرجة الإبداعية بيان ياسين، فيما أدار الحوار أحمد الراشدي.
وعلى هامش الجلسة، عرَّفت د. المزغني بنفسها، بوصفها أكاديمية وكاتبة في أدب الطفل ومدربة في مجال الكتابة الإبداعية.
وتحدَّثت المزغني عن أهمية السرد اللفظي واللغوي في أدب الطفل، مؤكدة ضرورة تحقيق التكامل بين النص والصورة، بما يُسهم في إثراء المعنى وتعميق التجربة القرائية لدى الطفل.
وشدَّدت على أهمية مراعاة الفروق بين الفئات العُمرية المختلفة، مع الإشارة إلى الطُّرق الحديثة في السرد، وأيضاً أهمية احترام عقلية الطفل المُعاصر.
بدورها، قالت ياسين إنها متخصصة في رسم قصص الأطفال، لافتة إلى أنها شاركت في الملتقى للحديث عن الآلية التي تعتمدها في تحويل النصوص إلى صورٍ بصرية يتلقاها الطفل.
وأوضحت أن الصورة تُعد عنصراً أساسياً ومُكملاً للنص في قصص الأطفال، مشيرة إلى أن الرسوم ليست مجرَّد مرافقة للنص، بل تحمل في طياتها رسائل ومشاعر تُسهم في بناء التجربة الجمالية والوجدانية لدى الطفل.