لم تكن الأسئلة التي طرحها المهندس في قطاع النفط السيد بدر أحمد البعيجان من خلال تجربته في الثمانينيات والموثقة في كتابه القيّم «تطوير مصافي النفط الكويتية» وليدة لحظتها، فهي ما زالت تصلح لأن تبقى حاضرة، فما عاناه المهندس البعيجان لم يكن حالة خاصة، فظاهرة الفرص الضائعة تكاد تتكرر في أكثر من قطاع أو مؤسسة حكومية.

السؤال كان: ماذا بعد إتمام المشاريع؟ لماذا لم تبنوا على ما قمتم به واكتسبتموه من تجارب؟ وهل استثمرتم خبراتكم ليستفيد منها من سيأتي بعدكم؟

Ad

يقول: لقد وصل عدد العاملين المحترفين في مجموعة المشاريع الكبرى من مهندسين ومحاسبين وإداريين ومهنيين والتي تولت بناء المصافي النفطية إلى 350 فنياً اكتسبوا مهارات على مدى 9 سنوات من الصعب أن تتوفر في مكان آخر (1980-1989) وبسبب قرار إدارة شركة البترول الوطنية فقدنا فرصة ذهبية ونادرة في استمرار الاستفادة من الخبرات وإيصالها إلى أجيال أخرى ستعمل في مشاريع كبرى في القطاع النفطي لكن ضاعت علينا هذه الفرصة.

ما أقدم عليه المهندس البعيجان والذي قضى 33 سنة من عمره في هذا القطاع لم يسبقه أحد غيره بتدوين تجربته وبعمق في الصناعة النفطية خاصة المصافي.

تولى وظيفة مدير عام مجموعة المشاريع الكبرى لإدارة بناء وتوسعة مصفاة ميناء الأحمدي من قبل شركة البترول الوطنية، وتوالت عمليات بناء المصافي الأخرى في الشعيبة وميناء عبدالله والجزيرة الاصطناعية وغيرها.

استغرق إعداد الكتاب أكثر من 5 سنوات بذل فيه جهداً غير عادي من بحث وكتابة ومراجعة، وهو اليوم في سبيله إلى أن يصدره بجزأين منفصلين وباللغتين العربية والإنكليزية على أن يكون حصراً بالنفط والصناعة النفطية.

أهمية التجربة الواقعية أن تكون دافعاً ومحفزاً للشباب لمعرفة إنجازات من سبقهم والعمل على رفع اسم الكويت ومكانتها.

لم يشأ أن يتسبب بأي إحراج لأحد، فقد قرر إلغاء أقسام وفصول من الكتاب وإن كانت أحدثت جروحاً عميقة في نفسه.

قدم نموذجاً ناجحاً في إدارة المشاريع الكبرى وتنفيذها حسب الجدول الزمني المخطط له بل وأحياناً يسبقه كل هذا بأيادٍ كويتية دون الاستعانة بخبراء من الخارج كانوا هم الاستشاريين... هذا الأسلوب بالعمل والحرص على الإنجاز كان من شأنه توفير 47 مليون دينار على الدولة.

سردَ الوقائع المُعاشة بأمانة وصدق والهدف لم يكن لتلميع الشخص بقدر ما هو رسالة لأصحاب القرار، أن هناك رجالاً وكفاءات مخلصين لمهنتهم صادقين مع أنفسهم محبين لبلدهم، لا أدري إذا كان أحد من المسؤولين والمعنيين الكبار قرأ هذا الكتاب فهو أهم من رسالة دكتوراه، وبكل الأحوال يبقى شهادة حية وصادقة تستحق التشجيع والكلمة الطيبة.