بحضور دولي واسع، تنعقد، اليوم، قمة شرم الشيخ التي ستبحث آفاق السلام الإقليمي إلى جانب تثبيت وقف النار في غزة، في نهاية يوم حافل يبدأ بإفراج حركة حماس عن الرهائن والأسرى الإسرائيليين، مقابل إطلاق الاحتلال الإسرائيلي لسراح أسرى فلسطينيين مسجونين لديه، في حين بدأت المساعدات تتدفق إلى القطاع الفلسطيني منذ يوم أمس.

ومن المقرر أن يصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إسرائيل صباحاً، ويعقد لقاء مع أهالي الأسرى والرهائن الإسرائيليين قبل إلقائه خطاباً أمام الكنيست (البرلمان)، ثم ينتقل إلى شرم الشيخ حيث سيترأس القمة إلى جانب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

Ad

وسيشارك في القمة زعماء وممثلون عن 20 دولة، بينها دول مجلس التعاون الست، ودول أوروبية أبرزها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، ودول أخرى منها الهند واليابان، في وقت استثنيت من المشاركة إسرائيل وروسيا والصين.

وقالت وكالات أنباء إيرانية إن طهران لن ترسل أي مندوب رغم تلقيها دعوة للحضور، في حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر، ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مشاركتهم.

ووصف وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي القمة بأنها لقاء تاريخي يهدف إلى «إنهاء الحرب على غزة، وتدشين فصل جديد من السلام والأمن في المنطقة، يساهم في استعادة الاستقرار الإقليمي ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني في القطاع».

وفي تفاصيل الخبر:

بالتزامن مع بدء تدفق المساعدات المكثفة التي تحملها نحو 400 شاحنة يومياً من معبر رفح المصري إلى غزة عبر معبري كرم أبوسالم والعوجة، أمس، عجلت حركة حماس وفصائل مسلحة أخرى في القطاع ترتيبات إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الأحياء وعدد من الجثامين دفعةً واحدة، بهدف اتمام العملية بحلول موعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تل أبيب صباح أمس.

وذكر مصدر في «حماس»، أمس، أن الفصائل أبلغت الوسطاء باستعدادهم لتنفيذ صفقة التبادل، التي تنص عليها المرحلة الأولى بمبادرة ترامب بشأن غزة، وإطلاق عشرين مختطفاً أحياء وعدد من الجثامين بغضون الساعات المقبلة.

وفي وقت تعد رسالة «حماس» أول تأكيد من قبل الحركة بأن لديها 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة، أوضح المصدر أن تسليم جميع الجثامين الإسرائيلية الـ28 سيستغرق وقتاً بسبب صعوبة استخراجها من أماكن دفنها وسط الدمار ولأسباب فنية ولوجستية.

من جهة ثانية، أفاد مصدر آخر في الحركة، مقرب من الوفد المفاوض، بأن «حماس» لن تشارك في حكم غزة في المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب، وذلك مع صمود وقف إطلاق النار لليوم الثالث على التوالي.

وقال المصدر، إنه «بالنسبة لحماس موضوع حكم القطاع هو من القضايا المنتهية. حماس لن تشارك بتاتاً في المرحلة الانتقالية ما يعني أنها تخلت عن حكم القطاع، ولكنها تبقى عنصراً أساسياً من النسيج الفلسطيني».

وفي حين تنص خطة ترامب على نزع سلاح القطاع خلال مراحلها التالية، شدد المصدر على أن «حماس موافقة على هدنة طويلة وألا يستخدم السلاح بتاتاً طوال هذه المدة إلا في حال عدوان إسرائيلي على غزة».

وأشار المصدر إلى أن الحركة طلبت من الجانب المصري الدعوة للقاء قبل نهاية الأسبوع المقبل لإنهاء موضوع «اللجنة الإدارية» المنصوص على تشكيلها من أجل إدارة القطاع في «خطة ترامب»، مضيفاً أن «الأسماء شبه جاهزة».

ولفت إلى أن «حماس قدمت مع بقية الفصائل 40 اسما، ولا فيتو عليها أبداً، ولا أحد منهم ينتمي إلى الفصائل المسلحة إطلاقاً».

تأهب إسرائيلي

على الجهة المقابلة، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بدء إطلاق سراح الرهائن سيتم صباح أمس.

وذكرت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية أن الاستعدادات اكتملت لاستقبال الرهائن ورعايتهم وإعادة تأهيلهم بحضور عائلتهم إضافة إلى إقامة مراسم وطنية ودينية لاستقبال الجثامين.

ورداً على سؤال بشأن ما اذا كان عدم إطلاق كل الجثامين الإسرائيلية غداً سيمثل انتهاكاً لمبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، أكدت المتحدثة التزام الدولة العبرية بالاتفاق، مشيرة إلى الاستعداد «لاستلام جثث الرهائن المتوفين وعددهم 28 بعد إطلاق سراح الأحياء».

وأمس، نقلت إسرائيل الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم من السجون التي كانوا فيها إلى سجني «عوفر» غرب رام الله و«كتسيعوت» في النقب، تمهيداً لتنفيذ صفقة التبادل.

ومن المقرر نقل الأسرى المفرج عنهم من سجن «عوفر» إلى الضفة الغربية المحتلة، فيما سيتم نقل الأسرى من سجن «كتسيعوت» إلى قطاع غزة ومصر.

وسيتم تبادل الأسرى بين الجانبين بواسطة طواقم الصليب الأحمر، دون أي مراسم علنية أو تغطية إعلامية، على أن يرافقها وفد مصري إلى سجني «عوفر» و«كتسيعوت» من أجل التأكد من هوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم.

وبحسب تقارير عبرية فإن عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، ستتم تحت إشراف اللجنة المصرية - القطرية - الأميركية التي تتابع إجراءات تطبيق الاتفاق.

وتواصلت المفاوضات غير المباشرة بشأن قائمة الأسرى الفلسطينية التي تطالب بها «حماس» حتى ساعات متأخرة أمس، حيث أفيد بأن إسرائيل أصرت على الالتزام بإطلاق 250 من أصحاب المؤبدات و1750 أسيرا من القطاع اعتقلتهم خلال الحرب دون قبول إطلاق القيادات الرمزية للحركات الفلسطينية وفي مقدمتهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات.

زيارة ترامب

وعشية إجراء ترامب أول زيارة إلى إسرائيل منذ توليه منصبه بولايته الثانية في يناير الماضي، توقع نائب الرئيس الأميركي جيه. دي فانس، أنّ إطلاق سراح الأسرى من غزة «في أي لحظة الآن»، مشيراً إلى أنه لا خطط لإرسال قوات برية إلى القطاع الفلسطيني أو إسرائيل.

ومن المتوقع أن تستمر زيارة ترامب إلى إسرائيل 4 ساعات فقط لكنها ستتضمن إلقاء كلمة في «الكنيست» لتأكيد التحالف الأميركي الإسرائيلي وعقد اجتماع مع نتنياهو بهدف تثبيت اتفاق غزة وبحث الخطوات المقبلة المتعلقة بمستقبل القطاع قبل انتقال الأول إلى مصر لحضور قمة السلام المقررة عقدها في شرم الشيخ بمشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونحو 25 من قادة وزعماء المنطقة والعالم.

عودة وتحدٍّ

ميدانياً، واصل مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين النازحين العودة إلى مدينة غزة ومناطق أخرى، وسط أطنان من الركام والدمار الذي خلفه العدوان على غزة طوال عامين، بينما يتوقع أن يتم فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني غداً الثلاثاء من أجل السماح باستقبال الجرحى والمصابين والمرضى الفلسطينيين القادمين من القطاع، وكذلك استقبال الأفراد من الفلسطينيين والأجانب وحاملي الجنسيات المزدوجة ومن العالقين في مصر.

على الجهة المقابلة، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على أن التحدي الأكبر لبلده بعد تحرير الرهائن سيكون تدمير أنفاق غزة، مؤكدا أن المهمة ستتم سواء بواسطة إسرائيل أو الآلية الدولية المقرر إنشاؤها بخطة ترامب.

قمة شرم الشيخ

إلى ذلك، وصفت الخارجية المصرية قمة «شرم الشيخ للسلام» بالتاريخية التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة، وتدشين فصل جديد من السلام والأمن في المنطقة، يسهم في استعادة الاستقرار الإقليمي ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني في القطاع.

وأشارت الوزارة إلى أن قمة شرم الشيخ تأتي في ضوء رؤية الرئيس الأميركي للسلام في المنطقة، وسعيه وجهوده الصادقة لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وإنهاء النزاعات في العالم.

ونقل وزير الخارجية بدر عبدالعاطي دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الأميركي إلى نظرائهم للمشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام المرتقبة اليوم والتي من المنتظر أن تشهد التوقيع على وثيقة تقضي بإنهاء الحرب.

ومن أبرز المشاركين الذين أكدوا حضورهم القمة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

وفي حين أشارت تقارير عبرية إلى سخط إسرائيلي جراء استبعاد الدولة العبرية من قائمة الدول التي دعيت لحضور القمة رغم دعوة إيران التي أعلنت أمس أنها لن تحضر، برز عدم دعوة السلطة الفلسطينية للمشاركة في القمة، في حين قالت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين شاهين، إن مصر تتابع بحرص كبير تفاصيل خطة ترامب للسلام، وتسعى لربطها بدعم السلطة مادياً من خلال مؤتمر للمانحين تقوده القاهرة.