اقتصاد الطاقة هو فرع من فروع الاقتصاد يهتم بدراسة العلاقة بين إنتاج الطاقة، واستهلاكها، وأسعارها، والسياسات المرتبطة بها، وتأثيرها على النمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والأمن القومي.

أما أهم مرتكزات اقتصاد الطاقة، فهي: 1- الطلب والعرض: كيف يستهلك الأفراد والدول الطاقة (نفط، غاز، كهرباء، طاقة متجددة)؟ وكيف يُنتج ويُوزع ويُسعَّر الوقود والطاقة الكهربائية؟ 2- أسعار الطاقة: ترتبط بأسعار النفط والغاز والفحم والكهرباء، ومدى التأثر بالعرض والطلب، والجغرافيا السياسية، والأزمات والكوارث، والتغيُّرات التكنولوجية. وخير مثال على ذلك: ارتفاع أسعار النفط يؤدي لزيادة تكاليف النقل والإنتاج، وبالتالي يؤثر على التضخم. وأيضاً اهتمام الدول الأوروبية بعد أزمة الغاز مع روسيا 2022، بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. 3- السياسات الحكومية: المتمثلة بالدعم (Subsidies) أو الضرائب والرسوم على الوقود، واستراتيجيات أمن الطاقة، وكذلك التحوُّل الممنهج نحو الطاقة المتجددة لمواجهة تغيُّر المناخ، وارتفاع أسعار الطاقة التقليدية، وكثرة انقطاعاتها. 4- الطاقة والبيئة: وهي تُعنى بالعلاقة بين النمو الاقتصادي القائم على الوقود الأحفوري والتلوث والانبعاثات، وكذلك سياسات «الحياد الكربوني»، والانتقال إلى مصادر نظيفة. فالصين والهند تعتبران من أكبر مستهلكي الفحم في العالم، لكنهما يستثمران بكثافة في الطاقة الشمسية والرياح لخفض مستويات التلوث. 5- الاستثمار والتكنولوجيا: ترتبط بالاستثمار في محطات الكهرباء، وحقول النفط والغاز، والطاقات المتجددة، مع دعم الابتكار في خفض تكلفة إنتاج الطاقة النظيفة.

Ad

لذا أهمية اقتصاد الطاقة تكمن في كونه محدداً لأسعار السلع الأساسية، كالكهرباء والوقود، ومؤثراً على التنافسية الصناعية، ومرتبطاً بشكلٍ مباشر بالسياسات والنزاعات الدولية، ومحوراً أساسياً في معالجة أزمة المناخ العالمية. كما تعاظم دورها بسبب النمو السكاني المتواصل وتطور نوعية الحياة، وهو ما انعكس بشكلٍ واضح على خريطة الطاقة العالمية، التي شهدت كثيراً من التغيُّرات، ومتوقع أن تشهد المزيد من التحوُّلات خلال العقود المقبلة. لذلك من المهم أن تكون للدول خرائط للطاقة، على أن تحدد كل دولة خريطتها الطاقية (Energy Map)، لضمان استدامة مصادر الطاقة، لتلبية احتياجاتها التنموية المستقبلية. فالخريطة الطاقية للدول تُعد من أهم ركائز اقتصاد الطاقة وخريطتها الذهنية، وتتكوَّن من عدة عناصر: 1- مصادر الطاقة: كالنفط والغاز والفحم والطاقة النووية والطاقة المتجددة. 2- البنية التحتية: كمحطات توليد الكهرباء، ومصافي النفط، وخطوط أنابيب الغاز والنفط، وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء والغاز. 3- الاستهلاك والطلب المرتبطان بتوزيع استهلاك الطاقة بين قطاعات الصناعة والنقل والسكن والتعليم والزراعة والترفيه، وحجم الطلب الحالي والمتوقع في المستقبل. 4- التوازن الطاقي: تختلف في حال إذا كانت الدولة مصدِّرة للطاقة أم مستوردة، وإذا كانت هناك فجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك. 5- الأبعاد الجيوسياسية المرتبطة بعلاقات الدولة بخطوط الإمداد الدولية، وبالممرات الحيوية من مضائق، وموانئ، وممرات أنابيب. وكذلك اعتمادها على اتفاقيات متبادلة وعقود بيع وشراء مع دول أخرى. من المهم استخدام الخريطة الطاقية في التخطيط الاستراتيجي، وأمن الطاقة، والسياسات البيئية، وفي طرح الفرص الاستثمارية. لذلك علينا ألا نتعامل مع مصادر الطاقة المتنوعة فقط من منظور الدخل والاستهلاك والبيع والشراء، بل من خلال منظومة اقتصادية واقعية تستند إلى رؤية مستقبلية مدعومة بخطة استراتيجية وخريطة طاقية بمزيج متوازن من مصادر الطاقة المختلفة والمستدامة، تقلل المخاطر البيئية، وتجذب الاستثمارات الخضراء، وتوطن الصناعات التحويلية، وتنوع مصادر الدخل، وتعزز اقتصاد الطاقة.