تأسست الجامعة العربية في 22 مارس 1945 بغايات وأهداف عظيمة، منها صون استقلال وسيادة الدول الأعضاء، وحمايتها من التدخل الخارجي، وتوحيد المواقف والسياسات الخارجية في المحافل الدولية تجاه القضايا العالمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات التي يقوم بها.

من الإنصاف استذكار النجاحات التي حققتها الجامعة العربية في المراحل الأولى من إنشائها، خصوصاً فيما يتعلق بدعم استقلال الدول العربية غير المستقلة، آنذاك، حيث كان لها دور كبير في تحقيق ومساندة ومساعدة الشعوب العربية التي استقلت خلال العقود الثلاثة التي تلت إنشائها، لكن هذا الدور العظيم بدأ يأفل بعد اتفاقات كامب ديفيد في عام 1987، والتي شكَّلت نقطة تحوُّل للإجماع العربي الرافض للاعتراف بإسرائيل للتوالي بعدها الاختراقات من هنا وهناك.

Ad

إن كُنا نطالب بضرورة إصلاح آلية إجراء تعديلات جوهرية على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فمن باب أولى المطالبة بتطوير منظومة العمل في الجامعة العربية، بهدف حماية المصالح العربية، ومواكبة التغيُّرات والمستجدات العالمية والعربية، لتكون منظمة فاعلة تتحمَّل مسؤوليتها القومية تجاه شعوبها.

اليوم المنطقة تشهد ظروفاً صعبة جداً، والأمثلة والشواهد التي يمكن أن نسوقها قد لا تحصرها عشرات المقالات، فما يحدث في السودان وسورية وليبيا والعراق واليمن كفيل بمعرفة ضرورة تطوير منظومة الجامعة العربية، لكن ماذا إذا أضفنا إلى هذه الملفات المتخمة ملف القضية الفلسطينية الماضي الحاضر، وما يفعله الاحتلال الإسرائيلي من جرائم حرب تصل إلى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري لسكان قطاع غزة.

هذا الكيان لم يعد يكترث للقوانين الدولية، بل يعمل على تقويض السلام، من خلال فرض أجندته وخريطته الجديدة على المنطقة، وباعتداءاته المتكررة على العواصم العربية، والتي كانت دولة قطر على موعدٍ آخر من هذه التجاوزات، من خلال استهدافه للمفاوضين الفلسطينيين في منطقة سكنية آمنة، وإعلانه عنها بفخر، وكأن المنطقة العربية مشاع له، وهو حتماً ماضٍ في استهداف سيادة ومعاقبة أي دولة عربية إذا ما تعارضت مصالحها مع إسرائيل، كما جاء على لسان رئيس وزرائها نتنياهو، ورفضه لفكرة إقامة الدولتين.

بعد فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرارٍ يُعاقب الكيان المُحتل، أصبح لِزاماً على الدول العربية مراجعة مواقفها الدبلوماسية والتجارية، بالعمل على إصدار عقوبات شبيهة بآلية الزناد التي فرضها مجلس الأمن على إيران.

على المسار الآخر، ورغم فشل استخلاص قرار يُدين إسرائيل على جرائمها من مجلس الأمن، فإن العزلة الأممية التي يعيشها الكيان كانت حاضرة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لذلك من الضروري استثمار هذا الجو العام، بالعمل على عُزلة إسرائيل دبلوماسياً واقتصادياً، وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الأبرياء العزّل في قطاع غزة، وبمقدمتهم رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو.

الخلاصة: الدول العربية إذا اجتمعت على رأيٍ واحد، فسوف يكون لها صوت مؤثر، ليس على مستوى مجلس الأمن والأمم المتحدة فحسب، بل على مستقبل إسرائيل الوجودي، لذلك المطلوب في هذا التوقيت توحيد الجهود، واتخاذ التدابير اللازمة، لضمان حق الشعب الفلسطيني في قيام دولته.

ودمتم سالمين