أصدرت لجنة الأمن القومي بالبرلمان البريطاني (NSS)، أخيراً، تقريراً يحذر من خطورة الاعتماد المتنامي على كوابل الفايبر أسفل البحر الواصلة للسواحل البريطانية، مُناديةً باتخاذ إجراءات عاجلة لمراقبة وتأمين هذه الكوابل إذا علمنا أن 99 في المئة من حجم حركة الاتصالات والبيانات من وإلى بريطانيا يتم عبر هذه الكوابل البحرية. بمعنى آخر، الاقتصاد البريطاني يعتمد كُلياً على المسارات البحرية، والتي اعتبرها تقرير اللجنة بالخاصرة الرخوة.

ربما هذا التقرير يخص بريطانيا، احنا شكو!

لا عزيزي، احنا أكو!

Ad

الوضع بالكويت لا يختلف عن وضع بريطانيا. اقتصادنا وأمننا وحياتنا اليومية تعتمد في التواصل مع العالم على كوابل الفايبر البحرية والبرية. انقطاع أحد الكوابل بالخليج العربي أو البحار البعيدة، كالبحر الأحمر أو المتوسط، يؤثر علينا.

هذه الشرايين عُرضة لانقطاعات عرضية من سفن الشحن والصيد، أو نتيجة ظروف جيوسياسية، مثل: الحروب، والإرهاب، وعُرضة كذلك لانقطاعات متعمَّدة، لا سيما مع تطور الدرون البحري ومركبات التحكم عن بُعد، والأمثلة كثيرة، منها تعرُّض قبل أسبوعين 4 كوابل أسفل البحر الأحمر قريباً من باب المندب، وكذلك تعرُّض كيبل في بحر البلطيق لتخريب متعمَّد.

نعلم أن هيئة الاتصالات بالكويت تحفز المستثمرين المحليين والإقليميين على الاستثمار بكوابل بحرية وبرية جديدة، ومدها إلى شواطئنا، لإيجاد بدائل متعددة في حال خروج أحد المسارات عن الخدمة، لكن تعدُّد الكوابل، على أهميتها، غير كافٍ.

ملكيات هذه الكوابل تشكِّل تحدياً آخر، بعضها ملك حصري لشركة معينة، مثل الكوابل البحرية الواصلة إلى شواطئنا والبرية الواصلة على حدودنا، وهذا ليس عيباً أو نقصاً، بل تشكر هذه الشركات على استثمارها لإيصال هذه الكوابل لنا! ولكن ينبغي، كدولة، أن يكون لنا ملكيات في شرايين اقتصادنا، تحسباً للتقلبات الجيوسياسة، وأن نعتبر هذه الملكيات الوطنية جزءاً لا يتجزأ من الأمن الوطني، وأن نحذو حذو حكومات الدول الخليجية، بامتلاكها حصصاً مؤثرة بكوابل بحرية إقليمية ودولية، لأهمية هذه الشرايين.

هناك عائق آخر عندنا، يتمثل بتشعب المسؤولية بين عدة جهات حكومية لمنح موافقات تمديد الكوابل ومراقبة تشغيلها، مما يعقد سلسلة الموافقات، ويُضعف مراقبة سُفن الصيد والنقل التجاري، لعدم الرسو فوق مسارات الكوابل، والمحددة بخرائط دولية معروفة، ويعقد إصلاح الأعطال، حيث لا يزال كيبل FOG خارج الخدمة منذ عام 2016، فيكون من الأولى إناطة المسؤولية بجهة واحدة، حتى تسهل المراقبة وإصلاح الأعطال عند حصولها.

وهنا وجب أن نقترح أن تتشكَّل لجنة على مستوى مجلس التعاون الخليجي لإدارة ومراقبة الكوابل البحرية أسفل مياه الخليج العربي، خصوصاً إذا علمنا تفرع هذه الكوابل إلى كل الشواطئ الخليجية، وضحالة المياه، مما يُعرضها لانقطاعات متكررة، لا سيما مع دخول كوابل بحرية جديدة خلال 5 سنوات قادمة، في ظل تشغيل مشروع طريق التنمية للشحن التجاري الخليجي عبر ميناء الفاو العراقي إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، وأثره المباشر في زحمة حركة السفن التجارية بشمال الخليج.