في المقال السابق طلبت من السادة القراء والمهتمين بالشأن التعليمي التريث عن الرد لحين قراءة هذا المقال، كي لا يفهم بطريقة مغلوطة، وليكون النقاش موضوعياً لما لكلية التربية الأساسية من مكانة خاصة في قلبي، ولدورها الكبير في مسيرة التعليم بدولة الكويت.

إنشاء الكليات التربوية لا يخص الكويت وحدها، فهناك العديد من دول العالم لجأت في البدايات إلى إنشاء كليات تربوية لسد حاجتها من المعلمين الوطنيين، ولكن مع الزمن تغير هذا المسار ليواكب التطورات الجوهرية لأهداف وغايات التعليم، والحاجة إلى رفع كفاءة الكوادر التدريسية والارتقاء بمؤشرات جودة التعليم.

Ad

المعلم هو أحد أركان منظومة تطوير التعليم، لذلك تسعى المؤسسات الأكاديمية إلى إعداد برامج نوعية تعمل على رفع كفاءة قدرات المعلمين المعرفية والمهارية، والغاية من تحويل مسار الكلية يكمن في استنهاض واستمرار دورها ومسيرتها التي امتدت نصف قرن، وكونها أكبر كلية في الكويت وما تملكه من إمكانات تؤهلها لتكون جامعة بحد ذاتها.

ما يعانيه التعليم العام من فجوة تعليمية تصل إلى أربع سنوات يتطلب توحيد الجهود وتفعيل كل مسارات الإصلاح والمواجهة مع الذات على اعتبار أن التعليم العام هو الرافد لمؤسسات التعليم الجامعي التي تعاني ضعف المدخلات، وكنتيجة طبيعية لذلك ضعف مستوى المخرجات.

إذا ما استعرضنا برامج العمل الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي السابقة واللاحقة تجدها قد قامت بإصلاحات كبيرة خلال السنوات العشر، بحيث أصبح التعليم يدار ضمن مفهوم الإدارة المعرفية، ولأجل ذلك أخذت بعض القرارات المصيرية ومنها إلغاء مفهوم كليات المعلمين التقليدية بتحويلها إلي كليات علمية وأدبية أسوةً ببقية الكليات النظرية والتطبيقية.

قد لا يتقبل بعض الناس فكرة عنوان المقال، لكن هذا لا يعني إلغاء دور كلية التربية الأساسية ولا الاستغناء عن المعلمين، فهم من يقود التعليم، وهم من تقع عليهم مسؤولية النهوض بجودة مؤشرات التعليم.

كما أشرت فإن معظم الدول التي تتربع على قائمة التصنيف العالمي قد جعلت من مهنة التدريس مهنة جاذبة يندفع إليها المبدعون والمخلصون من خريجي التخصصات العلمية والأدبية والتكنولوجية الراغبين في ممارسة مهنة التعليم من خلال فتح المجال أمامهم للالتحاق ببرنامج الدبلومات العليا التربوية لتمكينهم من العمل بوظيفة مدرس بعد تدريبهم على مهارات التدريس واستخدام التقنيات، والوسائل الحديثة، والأخلاق، والقيم.

هذا النظام يطلق عليه النظام التتابعي، حيث يمكن الراغبين في العمل في مهنة التدريس بعد استيفاء متطلبات دخول البرنامج والحاجة من التخصصات التي تقدرها وزارة التعليم بالتعاون مع الكلية، وبذلك لن يكون هناك أي هدر في تحويل مسار كلية التربية الأساسية إلى مجموعة من الكليات لتساهم في مد سوق العمل بالتخصصات العلمية والأدبية وإلى كلية تقدم برامج الدبلوم العالي التربوي دون هدر أي من الموارد المالية والبشرية.

نعم هناك معلمون ممتازون في الحقل التربوي، وهناك أيضا من هم دون هذا المستوى لأن المحصلة التعليمية والمهارية أقل من المطلوب، وذلك بسبب طبيعة الدراسة في كلية التربية الأساسية التي تجمع بين تدريس الطالب المقررات العلمية والمقررات المهارية والميدانية مما يترتب عليه فقدانه الكم المطلوب لتحصيل العلوم الأساسية من الناحية الأكاديمية.

اليوم وبعد كل هذه المسيرة من العطاء، ولمواكبة أسس تطوير التعليم بات من الضروري إلغاء مفهوم كلية التربية الأساسية لتصبح ثلاث كليات واحدة للتخصصات العلمية وأخرى للتخصصات الأدبية وكلية تقدم برنامج الدبلوم العالي التربوي.

ودمتم سالمين.