توجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى آسيا الوسطى لعقد ثاني قمة من نوعها اليوم مع قادة كازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان، في محاولة لإعادة ترميم نفوذ موسكو الذي بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى في ظل احتفاظ هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية بصلات جيدة مع الغرب، وتشهد علاقاتها تقارباً متسارعاً مع الصين.

وبعد تتابع زيارات المسؤولين الأوروبيين والصينيين إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة، استهل بوتين زيارته الرسمية إلى دوشانبي بلقاء نظيره الطاجكي إمام علي رحمن، قبل أن يعقد قمة أولى مع قادة رابطة الدول المستقلة وبعدها القمة الثانية من نوعها لروسيا وآسيا الوسطى، لبحث سبل تعزيز التعاون الإقليمي والتنسيق المشترك في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية.

وقالت وزارة الخارجية في كازاخستان «إن هذا النموذج (5+1) منصة فعالة ومفضلة للتفاعل، ما يسمح لدول آسيا الوسطى بمناقشة والتعبير عن مواقفها بشكل منسق بشأن القضايا الإقليمية والعالمية».

Ad

وشددت الوزارة على «الأهمية القصوى» للقمة، معتبرة أن «الاتفاقيات التي سيتم التوصل إليها ستساهم في تعزيز الثقة والشراكة بين دول آسيا الوسطى وروسيا».

ولطالما اعتبرت القوى الغربية آسيا الوسطى منطقة هامشية خاضعة حصراً للنفوذ الروسي من منتصف القرن 19 حتى سقوط الاتحاد السوفياتي. لكن منذ غزو أوكرانيا في فبراير 2022، أصبحت مسرحاً لنشاط دبلوماسي غير معهود، وتمت استضافة قمتين هذا العام، مع الاتحاد الأوروبي في أبريل والصين في يونيو. كما عقدت قمة مع تركيا العام الماضي.

وفي مواجهة التمدد الاقتصادي الصيني في المنطقة، تحاول روسيا الحفاظ على وجودها في آسيا الوسطى الذي كان تقليديا مرتبطا بها امنيا واقتصاديا، وذلك من خلال اتفاقيات الطاقة، بما في ذلك شحنات الغاز وبناء محطات نووية.

ولم تعد روسيا وحيدة في الميدان الأمني مع آسيا الوسطى، التي تعادل مساحتها تقريباً الاتحاد الأوروبي بدوله الـ27، إذ باتت جيوش دول المنطقة تتسلّح من الصين وتركيا.

وفيما تسعى هذه المنطقة استعادة دورها التاريخي كمركز تجاري، تحضر الصين بقوة فيها منذ إطلاقها «مبادرة الحزام والطريق» في 2013، وهو مشروع ضخم للبنية التحتية يعيد تشكيل شبكة النقل بين آسيا وأوروبا.

في موازاة ذلك، اعتبر بوتين، أمس الأول، أن قواته تملك المبادرة الإستراتيجية الكاملة في أوكرانيا، معلناً عن «تحريرها نحو 5 آلاف كلم و212 تجمعاً سكانياً هذا العام».

وشدد بوتين، خلال احتفاله بعيد ميلاده الثالث والسبعين مع قادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان في سانت بطرسبرغ، على أنه رغم «المقاومة العنيدة ومحاولتها لشن ضربات في عمق الأراضي الروسية، فإن القوات الأوكرانية تتراجع على طول خط المواجهة بأكمله وضرباتها للأهداف السلمية «لن تفيدها». وقال: «مهمتنا المشتركة تظل كما هي يجب أن نضمن تحقيق جميع أهدافنا».

وفي حين أقر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف «بأن الزخم القوي لقمة الروسية الأميركية في ألاسكا تبدد إلى حد كبير»، حذرت رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين أمس من «حرب هجينة» تشنها روسيا وتستهدف أمن أوروبا ووحدتها، داعية إلى «رد موحد وحازم» يقوم على الردع.

وقالت فوندرلاين، خلال جلسة البرلمان الأوروبي المخصصة لمناقشة الرد الموحد على انتهاك المقاتلات الروسية والمسيرات الأجواء في إستونيا وبلجيكا وبولندا ورومانيا والدنمارك وألمانيا، هذه الأفعال «ليست مضايقات عشوائية بل حملة منسقة ومتصاعدة تهدف إلى زعزعة استقرار مواطنينا واختبار صمودنا وتقسيم اتحادنا وإضعاف دعمنا لأوكرانيا».

وأوضحت أنه «حان الوقت لنسمي الأمور بمسمياتها إنها حرب هجينة وعلينا التعامل معها بكل جدية»، مبينة أن «هذه حملة مقصودة تستهدف أوروبا ويجب على أوروبا أن ترد».

وأضافت: «نحتاج إلى خطة أوروبية دقيقة بالتنسيق الوثيق مع حلف الناتو».