غداة اشتباكات دامية بين قوات الحكومة الانتقالية السورية و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد في مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة سورية، أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة، أمس، «وقفا شاملا لإطلاق النار» مع الأكراد في شمال وشمال شرق البلاد، عقب لقائه قائد «قسد» مظلوم عبدي في دمشق.

وكتب أبوقصرة: «التقيت قبل قليل بالسيد مظلوم عبدي في العاصمة دمشق واتفقنا على وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار بكل المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرق سورية، على أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق فوريا».

Ad

ولم يخرج عن الاجتماع أي إشارات حول تطبيق اتفاقية 10 مارس، التي تهدف الى دمج «قسد» والإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سورية في مؤسسات الدولة السورية، والتي يتبادل الطرفان الاتهامات بعدم الالتزام بها والمماطلة في تنفيذها.

وجاءت الاشتباكات بعد اسبوع من الحشد العسكري في المنطقة. وقبل الانفجار بساعات، ذكرت وزارة الدفاع أمس الاول أن الجيش أعاد الانتشار على طول عدة جبهات لـ «قسد» في شمال شرق البلاد، مشددة على أن الخطوة «ليست تمهيدا لعمل عسكري»، بل تهدف إلى «منع الهجمات المتكررة ومحاولات الجماعة التي يقودها الأكراد للسيطرة على أراض».

في المقابل، كثفت «قسد» المداهمات في عدة بلدات تسيطر عليها وتقطنها أغلبية عربية، قائلة إن العمليات تستهدف خلايا نائمة لتنظيم «داعش»، في حين تحدث خصومها عن شنها حملة متسارعة للتجنيد الاجباري.

وكان «مجلس سورية الديموقراطية»، الذراع السياسية لـ قسد» عبّر عن رفضه لانتخابات مجلس الشعب السوري التي جرت الأحد الماضي والتي استثنت 3 محافظات هي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) والسويداء (جنوب)، مشدداً على انها «لا تعكس إرادة السوريين ولا تمثل جميع المكونات وأسهمت في تعميق الانقسام داخل المجتمع السوري».

ويقول الأكراد ان اتفاق 10 مارس يضمن في أحد بنوده «حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكل مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن الخلفيات الدينية والعرقية»، ويعتبرون أن دمشق لم تلتزم بهذا البند عبر الاجراءات الدستورية والسياسية التي اتخذتها سلطاتها المؤقتة. كما يرفض الاكراد الاندماج بالجيش الا بفرقة كردية موحدة، كما يطالبون بالحصول على نوع من الحكم الذاتي، وهو ما ترفضه السلطات المؤقتة التي تظهر حتى الآن ميلا قويا للحكم المركزي.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الهدوء الحذر ساد امس مدينة حلب بعد الاشتباكات التي اوقعت قتيلين. وتسيطر قوات السلطات الانتقالية السورية على حلب منذ أطاحت فصائل معارضة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024. الا أن قوات كردية محلية مرتبطة بـ «قسد» وقوى الأمن الداخلي التابعة لها (الأسايش) تسيطر على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، على الرّغم من أنّ «قسد» انسحبت رسميا من هذين الحيّين في أبريل الماضي في إطار اتفاق أبرمته مع دمشق. وتبادل الطرفان الاتهامات ببدء الهجوم الذي جاء بعد ساعات على لقاء جمع مظلوم عبدي مع المبعوث الاميركي توم براك وقائد القيادة الوسطى الأميركية الأميرال براد كوبر، تخلّلته «محادثات مهمة» حسب الجانب الاميركي.

وقال عبدي إنه ناقش مع الوفد الاميركي «عددا من القضايا التي تهدف إلى دعم التكامل السياسي في سورية، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد، وخلق بيئة آمنة لجميع مكونات الشعب السوري، بالإضافة إلى ضمان استمرار الجهود لمكافحة تنظيم داعش في المنطقة». وحسب المعلومات ركزت المحادثات على تسريع تنفيذ اتفاق 10 مارس.

ونقلت تقارير إعلامية سورية عن مصادر سورية وأميركية قولها إن إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب عازمة على الانتهاء سريعاً من الملفات السورية «الإشكالية» مثل ملف اندماج «قسد»، والوضع في السويداء والاتفاق الأمني مع إسرائيل، وذلك في حال رأت الخطة الاميركية لإنهاء حرب غزة النور.

واستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع أمس براك وكوبر، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد حسين السلامة. وبحسب بيان رئاسي سوري، جرى خلال اللقاء بحث آخر التطورات في الساحة السورية، وسبل دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار، إلى جانب مناقشة آليات تنفيذ اتفاق 10 مايو بما يصون وحدة الأراضي السورية وسيادتها.