حلت أمس الذكرى الثانية لاندلاع حرب غزة، عقب عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حركة حماس في السابع من أكتوبر عام 2023، في وقت تواصل إسرائيل حملة الإبادة التي تشنها ضد القطاع المدمر وتتوسع بمخططات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة لقطع الطريق على «حل الدولتين» الذي برز من خلال موجة اعترافات غربية رسمية، قادتها فرنسا وبريطانيا بالدولة الفلسطينية، رغم كونها مستندات ورقية.

وفي حين يأتي إحياء الذكرى وسط محاولات دبلوماسية حثيثة تقودها الولايات المتحدة بمشاركة مصر وقطر لدفع مبادرة الرئيس دونالد ترامب المكونة من 20 بنداً لإنهاء الحرب التي أدت إلى مقتل 67 ألف فلسطيني، ثلثاهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى خطوات لإعادة تأهيل القطاع وحكمه بوصاية دولية، ذكرت «حماس» في بيان أن «معركة طوفان الأقصى ما زالت متواصلة».

Ad

وقالت الحركة التي تخوض مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن خطة ترامب، إن أولويتها في هذه المرحلة هي الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، مجددة تمسكها بـ «كامل الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وحقه في الدفاع عن أرضه وتطلعاته نحو التحرير والاستقلال».

وذكرت أن «العدو يمعن في حربه الوحشية ضد شعبنا الصامد وسط تواطؤ دولي وخذلان عربي»، مشددة على أن الشعب الفلسطيني «مازال متمسكاً بثوابته الوطنية، بعيداً عن مشاريع الوصاية غير المشروعة».

وجاء تمسك «حماس» بالمعركة التي راهن زعيمها الراحل يحيى السنوار على أنها «حرب تحرير» في وقت أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن نحو 193 ألف مبنى، بما في ذلك عشرات المدارس والمستشفيات والمساجد في غزة تعرضت للدمار أو الأضرار، في حين اضطر نحو 82 في المئة من سكان القطاع إلى النزوح.

نصب ونتنياهو

على الجهة المقابلة، تجمع العشرات من الإسرائيليين لإحياء ذكرى ضحايا هجوم «حماس»، إذ تم تحويل موقع مهرجان «نوفا» الموسيقي حيث قتل نحو 370 شخصا واختطف نحو 251، إلى نصب تذكاري، قرب مستوطنات غلاف غزة.

كما أقيمت مراسم في تل أبيب شهدت تظاهرات للمطالبة بإبرام صفقة تسمح بإطلاق باقي المحتجزين وعددهم نحو 22 وجثامين نحو 25 مازالوا محتجزين بالقطاع.

وعشية الذكرى، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة مع السياسي الأميركي المحافظ بن شابيرو، بالقول: «أعتقد أننا قريبون من إنهاء الحرب، لكننا لم نصل إلى هناك بعد. بعد عامين حطمنا المحور الإيراني. لم نقضِ على حماس تماماً - لكننا سنصل إلى ذلك. ما بدأ في غزة سينتهي في غزة، مع تحرير المختطفين».

وفي ظل تزايد احتمال تعرض إسرائيل لعزلة دولية ودخولها بتوتر إقليمي يهدد مستقبل اتفاقات إبراهام للتطبيع، قال نتنياهو: «أنا أؤمن بأنه بإمكاننا توسيع الاتفاقيات إلى دول إسلامية حول العالم. لكن أولاً علينا إنهاء حرب غزة بمساعدة الرئيس ترامب. لا يمكن إنهاء الحرب وترك حماس في الحكم. سنحتاج إلى إخراج المختطفين وحماس من القطاع، وبعدها سنتمكن من توسيع دائرة السلام».

وفي حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى «إطلاق سراح الرهائن فوراً دون قيد أو شرط وإنهاء معاناة الجميع، ووضع حدٍ للأعمال العدائية التي لا تطاق»، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، عن تضامنهم مع الشعب اليهودي.

مهمة عسيرة

وبالتزامن مع دخول الحرب عامها الثالث، كشف وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي أن المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل في شرم الشيخ تهدف إلى «تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب من خلال العمل على تهيئة الظروف لإطلاق سراح الرهائن ونفاذ المساعدات وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين».

وأشار إلى أن الوفد الأميركي برئاسة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف انضم إلى المباحثات التي انطلقت أمس الأول بمشاركة وفد قطري، مبيناً أنه أجرى ونظيره الألماني حواراً مطولاً مع ويتكوف وتحدثنا عن «أهمية أن يكون هناك قرار بمجلس الأمن لاعتماد الخطة الأميركية وعن أهمية نشر قوات دولية بما يوفر الحماية للفلسطينيين والأمن أيضا للجانب الإسرائيلي».

ومع تقدم المباحثات العسيرة التي يتوقع أن تمتد عدة أيام، صرح المتحدث باسم الخارجية القطرية بأن هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين العمل بشأنها في خطة ترامب، مؤكدا أن هناك التزاماً أميركياً بأن وقف النار لن يكون مؤقتاً. ولفت المتحدث باسم الخارجية القطرية إلى أنه من المبكر الحديث عن مستقبل مكتب «حماس» بالدوحة.

جولة إيجابية

وقبل ذلك، قال مصدران مطلعان على سير المفاوضات إن الجولة الأولى امتدت لـ 4 ساعات وكانت «إيجابية»، مشيراً إلى أنها تناولت «خريطة طريق المباحثات والآليات».

وأفادت المعلومات بأن النقاط التي تبحث هي: «تبادل الأسرى ويشمل الآليات لتسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وفي مقابلهم الأسرى الفلسطينيون ومن بينهم كبار وقادة الأسرى، وخرائط الانسحاب الإسرائيلي وإدخال المساعدات مع بدء وقف النار، وتسليم إدارة القطاع للجنة كفاءات مستقلة فلسطينية».

وأشارت المصادر إلى أن الحركة «أكدت للوسطاء ضرورة وقف تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي ووقف القصف كلياً وسحب القوات الإسرائيلية من داخل المدن للإسراع في الوصول للمجموعات الآسرة وتسليم الأسرى».

وأكد أن المفاوضات بشأن التفاصيل ستكون صعبة رغم إبلاغ «حماس» الوسطاء بجاهزيتها للاتفاق الشامل مع توفر ضمانات أميركية ودولية.

في هذه الأثناء ورداً على سؤال عن سير المفاوضات، ولا سيّما عما إذا كانت لديه شروط مسبقة تشمل موافقة «حماس» على نزع سلاحها، قال ترامب: «لديّ خطوط حمر: إذا لم تتحقّق أمور معيّنة فلن نمضي قدما. لكنّني أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام، وأعتقد أنّ حماس وافقت على أمور مهمّة للغاية».

وأضاف: «أعتقد أنّنا سنتوصّل إلى اتّفاق. من الصعب عليّ قول ذلك في حين أنهم منذ سنوات وسنوات يحاولون التوصّل إلى اتفاق». وتابع «أنا شبه متأكّد من ذلك، نعم سنصل لاتفاق وسيحقق السلام بالشرق الأوسط».

وأتى ذلك قبل ساعات من لقاء ترامب بالرهينة الإسرائيلي ـ الأميركي عيدان ألكسندر الذي أفرجت عنه «حماس» في مايو كبادرة حسن نوايا مع واشنطن.

ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد مقذوف أطلق من شمال القطاع، من دون الإبلاغ عن إصابات، في حين قتل 11 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال في مناطق متفرقة بالقطاع.