اقتربت حفارات إصلاح الطرق التي خربها الفساد وهي تزمجر من «فريجنا»، فتذكرت بأسى مقولة وزيرة الأشغال السابقة، الأخت جنان بوشهري، عندما وقفت أمام منصة استجواب مجلس فبراير 2019 معلنة أنها تواجه نواب مقاولين لا نواب أمة، ومعلنة عن براءة خلطة الأسفلت.

كانت هذه المرة الأولى التي نسمع وزيراً يعلن عن خطأ فادح تسبّبت فيه وزارته، الوزيرة جنان بو شهري هي الاستثناء، وهي من امتلكت الشجاعة فأعلنت رسمياً أن خلطة الأسفلت بريئة، وأن سوء الطرق في الكويت أسبابه من داخل وزارتها، ومن مقاولين ومستشارين.

Ad

اعتراف جنان لم يتوقّف عند تبرئتها لخلطة الأسفلت، فهي أعلنت أن هناك في وزارتها من أجاز الأعمال الفاسدة والغش فيها، ومقاولين تلاعبوا بالمواصفات وغيّروا الخلطة المعتمدة عالمياً، مما أفقد طرق الكويت جودتها، فكان إعلاناً صريحاً عن فساد متأصّل وقديم لم يستطع أحد، أو لنقل لم يتجرّأ أحد، قبلها على الكشف عنه، ولا معاقبة المتسبّبين في كارثة الطرق المزمنة.

فلجنة تقصّي الحقائق أثبتت أن هناك قصوراً إدارياً وفنياً في وزارة الأشغال، وفي هيئة الطرق و»السكنية»، وتركيزها حالياً يجب أن يكون على ضبط جودة الطرق، وعلى وجوب المتابعة والإشراف الجدي على أعمال الصيانة، وتقييم ما نُفِّذ في السنوات السابقة، وما دامت خلطة الأسفلت بريئة فعقاب المذنب الحقيقي واجب مستحق على الحكومة، وإحالة المتسبّبين في هذا الخراب إلى هيئة مكافحة الفساد خطوة مهمة على طريق الإصلاح.

نقول: إن الذي يدعو حقيقة إلى الأسف أنه على الرغم من وجود المؤسسات الرقابية والتشريعية، وعلى الرغم من القدرة المالية للدولة، ورغم جيوش المستشارين، فإن بنية الكويت التحتية، حسب تصنيف التنافسية العالمية تأتي في المرتبة الـ 54 بين دول العالم، أما دولة الإمارات الشقيقة فتأتي في المرتبة الرابعة، وهذا يدعو إلى الفخر، وإلى التفكير الجدي في استبدال مستشارين من شقيقتنا الإمارات ببعض مستشاري الكويت، فمن غير المعقول أن يُستعان بمستشارين لم ينفعوا بلادهم حتى ينفعونا.

إصلاح خراب الطرق قائم على قدم وساق، وهو جهد مشكور، ولكن هذا ليس بكافٍ، فيجب ألا يفلت من الحساب والعقاب كل من شارك في فساد وشوه سمعة الكويت، وأزعج سكانها.