أعلنت المحكمة العليا الأميركية أنها ستعيد النظر في قرارها التاريخي لعام 1935 في قضية «Humphrey’s Executor v. U.S»، التي قيدت سلطة الرئيس في عزل رؤساء وأعضاء الوكالات المستقلة. وبصفتي قاضياً، لا أعبّر عن رأي في نتيجة القضية، لكن مؤسسي الدستور الأميركي كانوا سيفاجأون تماماً بفكرة أن الرئيس لا يملك سلطة عزل المسؤولين التنفيذيين الأدنى منه.

تنص المادة الثانية من الدستور على أن «السلطة التنفيذية تُمنح للرئيس»، أي أن الرئيس يتمتع بالسلطة الكاملة لتوجيه الجهاز التنفيذي. هذه الصياغة لم تُولد من فراغ، بل استندت إلى قرون من التجربة السياسية في الحكم الاستعماري، حين تمتع حكام المستعمرات بسلطات واسعة لتعيين المسؤولين المحليين وعزلهم متى رأوا ذلك مناسباً.

Ad

كانت البيروقراطية في تلك الحقبة بسيطة، وكان الحاكم يصدر أوامر مباشرة إلى القضاة ومأموري الشرطة لتنفيذ القوانين وبدء التحقيقات أو إنهائها. وكان من الطبيعي عزل أي موظف بجملة واحدة في السجلات الرسمية، سواء بسبب سوء التصرف أو الخلاف السياسي أو فقدان الثقة. وكانت القاعدة السائدة أن الموظف التنفيذي يخدم وفق إرادة الحاكم.

ومن هذا السياق التاريخي، يتضح أن المؤسسين عند صياغة الدستور عام 1787 فهموا «السلطة التنفيذية» بمعناها العملي الذي ورثوه من التجربة الاستعمارية: سلطة موحدة بيد الرئيس تشمل الإشراف على جميع المسؤولين التنفيذيين، بما في ذلك عزلهم.

صحيح أن بعض بنود الدستور جاءت كردّ فعل على أخطاء الحكم الاستعماري - مثل جعل القضاء مستقلاً مدى الحياة، وإقرار الفصل بين السلطات لتجنب تداخل الصلاحيات - لكن لم يكن المقصود أبداً تفكيك السلطة التنفيذية أو تقييدها عبر هيئات مستقلة لا تخضع للرئيس.

التاريخ يشير بوضوح إلى أن الرئيس يجب أن يمتلك سلطة توجيه موظفي السلطة التنفيذية ومحاسبتهم وعزلهم، لأن ذلك هو ما يجعل الإدارة خاضعة للمساءلة أمام الشعب. أما تفويض هذه الصلاحيات إلى بيروقراطية مستقلة، فهو يخلق جهازاً غير مسؤول أمام الناخبين ولا يمكن محاسبته ديموقراطياً.

إن منح السلطة التنفيذية للرئيس لا يعني منحه قوة مطلقة، بل تحميله مسؤولية كاملة عن أداء الحكومة. وإذا أساء استخدام سلطته، فوسيلة المحاسبة هي الانتخابات، لا تقييد صلاحياته عبر مؤسسات موازية.

بهذا المعنى، فإن التاريخ يقف إلى جانب رئاسة قوية ومسؤولة، تمتلك القدرة على فرض الانضباط داخل الجهاز التنفيذي، والاستجابة لإرادة الشعب، كما أراد الآباء المؤسسون.

* كينتون جي. سكارين قاضٍ في الدائرة القضائية 18 بولاية إلينوي