إذا كُنت قد زُرت الكويت أو قطر في الأسبوع الماضي، فعليك أن تتأكد أين أنت بالضبط؟ وفي أي دولةٍ تحديداً، فالشوارع والأبراج والعمارات الشاهقة في كلتا العاصمتين تزيَّنت بالأعلام الخضراء، حتى يُخيَّل لك لوهلة أنك في قلب المملكة العربية السعودية.
تلوَّنت الشوارع باللون الأخضر، احتفالاً بالثالث والعشرين من سبتمبر، حيث يطل اليوم الوطني السعودي كأنه نافذة على ذاكرة الوطن وروحه، فلم يكن يوماً للسعوديين وحدهم، بل كل خليجي يشعر بأن هذه الأرض، بتاريخها وإنجازاتها، جزء من وجدانه، يتردَّد الصدى في الكويت وقطر كما يتردَّد في الرياض وجدة، وكأن الخليج كُله يحتفل تحت علمٍ واحد، وكأن الحدود تتحوَّل إلى جسور محبة.
بين السعودية والكويت حكاية ممتدة، حكاية أخوة لا تذبل، ولا تنكسر، فأي كويتي سينسى كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، حين قال: «إذا راحت الكويت راحت السعودية، إما نبقى سوا أو نروح سوا»؟ لقد كانت تعبيراً يجسِّد عهد الدم والمصير المشترك، فالكويت تنظر إلى شقيقتها الكبرى باعتبارها السند والعضد، والسعودية ترى في الكويت امتداد الروح والدم.
وفي قطر، تتجسَّد الحقيقة الثابتة أن القلوب واحدة، والبيت واحد، فقد عبَّر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بوضوح منذ فترة، بقوله: «سنكون مع قطر الشقيقة في كل ما تتخذه من إجراءات بلا حد، ونسخِّر كل إمكانياتنا لذلك»، لذا لم تكن مجرَّد جُملة سياسية، بل كانت وعداً صريحاً بأن أمن قطر من أمن السعودية، وأن المصير مشترك.
فأي قطري لا يمكنه أن ينسى كيف كانت الجماهير السعودية تملأ مدرجات كأس العالم 2022، وترسم المشهد بروحها وأهازيجها، لتُصبح أكبر من مباراة رياضية، فقد بدا وكأن الخليج يهتف باسمٍ واحد، ويحتفل بروحٍ واحدة.
وما كان لهذا المشهد الخليجي أن يكتمل لولا حُكماء المنطقة وقادتها، في السعودية، يظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو الراعي لمسيرة وطنية شامخة، فيما يمضي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بخُطى جريئة تفتح أبواب المستقبل، وتُحوِّل الأحلام إلى حقائق. وفي قطر يواصل سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نهجاً يجمع بين الطموح والانفتاح، مثبتاً أن مكانة قطر في قلب الخليج راسخة لا تهتز. أما بالكويت، فإن سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح يُضيف بحكمته ورؤيته المتزنة بُعداً آخر من الاستقرار والوفاء للبيت الخليجي الواحد.
في هذا اليوم يلمس الكويتي والقطري والخليجي أن السعودية لم تكن مجرَّد دولة شقيقة، بل هي رمز جامع لقوة الخليج وتماسكه.
الاحتفال باليوم الوطني السعودي ليس مجرَّد مناسبة وطنية، بل هو احتفال بالأخوة التي صمدت أمام الأزمات، وبالوحدة التي تتجدَّد في كل لقاء، وبالأمل الذي يربطنا بمصيرٍ مشترك.
في الثالث والعشرين من سبتمبر لا نحتفل فقط بتاريخ المملكة، بل نحتفل بحلمٍ خليجي واحد، حلم يزداد قوةً كلما ارتفع العلم الأخضر في سماء الجزيرة العربية، ويزداد رسوخاً كلما تشابكت الأيادي فوق أرض الخليج، كأنه تعاهد أبدي بأن المصير واحد، وأن الدم والمصير يجمعنا.
يُنشر بالتزامن مع صحيفتي الجزيرة السعودية
والشرق القطرية