قبيل ساعات من اجتماعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ألقى بثقله لدعم خطة سلام طرحها بشأن غزة، عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لقاء مطولاً في نيويورك مع صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، لبحث وثيقة «الثقة العظمى» المؤلفة من 21 بنداً لإنهاء الحرب وإعادة اعمار القطاع الفلسطيني المنكوب بمشاركة دولية وإقليمية.
وتخللت المحادثات التي دارت ليل الأحد ـ الاثنين، جلسات عمل وصياغة متكررة لبنود الاتفاق، وسط حديث عن تضييق الفجوات، وتعديلات من قبل نتنياهو، إذ أفادت مصادر مطلعة بأن التعديلات التي طالب بها الأخير على خطة ترامب تجعل الخطة بلا أنياب تنفيذية وصعبة التفسير والتطبيق.
وأوضحت المصادر أن الصياغات التي أدخلت على الخطة غير واضحة، ولا تتضمن آليات واضحة، سوى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وإدخال المساعدات الإنسانية.
وفي وقت يريد نتنياهو أن يمثل الاتفاق «ميزان القوة العسكري» في غزة، أفادت أوساط إسرائيلية وأميركية بتقدم ملموس نحو التوصل إلى اتفاق.
وأشار موقع «أكسيوس» إلى أن الطرفين «اقتربا كثيراً من الاتفاق»، لكنه شدد على أن موافقة «حماس» ضرورية قبل إتمام أي اتفاق رسمي.
كما أوضح مصدران مطلعان لـ»ABC News» أن اجتماع نتنياهو ومستشاريه مع ويتكوف وكوشنر يعد الثاني في غضون يومين، على هامش مشاركة الأول بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل مغادرته للقاء ترامب في واشنطن.
وعندما سُئل عن «خطة ترامب» لوقف إطلاق النار خلال مقابلة مع قناة «فوكس نيوز صنداي»، قال نتنياهو: «نحن نعمل مع فريق الرئيس ترامب»، مضيفاً: «لكنها لم تُحسم بعد». وكشف للمرة الأولى مدى جديته في دراسة المقترح بقوله: «آمل أن نتمكن من إنجاحه».
تعقيد الضم
من جهة ثانية، التقى نتنياهو وفداً من مجلس المستوطنات الذي يضغط باتجاه تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء منها، حيث ألمح إلى إرجاء الخطوة.
وفي حين تشير التسريبات إلى أن خطة ترامب تتضمن تعهداً بمنع تنفيذ خطوة الضم، أكد نتنياهو أمام الوفد أنه سيناقش القضية مع ترامب، لكنه شدد على «ضرورة التعامل مع واقع معقد»، قائلاً: «هناك رئيس متعاطف، وتذكروا عهد باراك أوباما حين قال إنه لن تبنى ولو لبنة واحدة».
في المقابل، شدد أعضاء الوفد على أن «فرصة سانحة لتطبيق السيادة»، خصوصاً في مواجهة التحركات التي تقودها السعودية وفرنسا للاعتراف بدولة فلسطينية ودعم حل الدولتين.
وفيما دعا عضو الكنيست عن حزب ليكود، نيسيم فاتوري، إلى ترحيل كل العرب من الضفة فوراً إن أمكن، قُتل 23 فلسطينياً وأُصيب آخرون في غارات إسرائيلية متواصلة على القطاع، حيث تواصلت العملية العسكرية المكثفة في مدينة غزة وخاصة بمخيم الشاطئ.
كماشة نتنياهو
وقبيل قيامه بالزيارة الرابعة للبيت الأبيض منذ عودة ترامب للسلطة في يناير الماضي، بدا نتنياهو محاصراً بين فكي كماشة داخلية وخارجية، إذ هدد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بنسف الائتلاف اليميني الحاكم إذا تم قبول خطة تتجاوز 6 خطوط حمراء بشأن أهداف الحرب، فيما نقل «أكسيوس» عن مستشار للرئيس الأميركي أن الأخير قد ينقلب على رئيس الوزراء بحال رفضه لوثيقته وفي ظل شكوك بأن الأخير يتلاعب به ويزعزع الاستقرار من أجل البقاء في منصبه، إضافة إلى تورطه في النقاشات السياسية الأميركية.
وكتب سموتريش في بيان مطول: «العبرة الرئيسية من السابع من أكتوبر والحرب التي نخوضها منذ ذلك الحين في جميع الجبهات هي أن أمن إسرائيل لا يتحقق عبر اتفاقيات سياسية بل يتحقق بالأفعال، وبتنفيذ صارم لا يعتمد إلا على الجيش».
ومن بين أهم النقاط التي أكد عليها سموتريتش أولا إخراج كامل وحقيقي لـ«حماس» من غزة ونزع سلاح القطاع مع بقاء جيش الاحتلال بشكل دائم.
كما اشترط عدم ذكر أي تدخل للسلطة الفلسطينية المتمركزة في رام الله بالضفة الغربية بالقطاع، معتبراً أن ذلك يمثل اعترافاً بـ«كذبة إقامة دولة إرهاب في أرض إسرائيل».
وزعم أن غزة لن تكون بعد الآن سجناً يُحتجز فيه الناس بالقوة بشكل غير قانوني وغير أخلاقي من أجل الإضرار بإسرائيل ومن يرغبون بالهجرة سيتمكنون من الخروج من القطاع عبر البر من مصر».
وبينما ارجع خبراء ما وصفوه بـ«عدوانية نتنياهو وعدم رغبته في انهاء القتال» إلى خوفه من تعرضه للمحاكمة بموازاة احتمال فقدانه لمنصبه، ذكر الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، أنه سيدرس إمكانية منحه عفواً في قضايا الفساد الـ3 التي يحاكَم بشأنها، معلنا أنه أوصى بالتوصل إلى صفقة «إقرار بالذنب».
السيسي وبن زايد
إلى ذلك، أعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الإماراتي محمد بن زايد عن ترحيبهما بمبادرة ترامب خلال لقاء أخوي جمعهما في القاهرة أمس، مؤكدَين «أهمية دعم هذه المبادرة السلمية بما يمهد الطريق أمام مسار تحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة».