إذا كانت الحكومة ترى أن قراءة تقارير «الشال» أو كتابات محمد البغلي في هذه الجريدة مزعجة وتسبب صداعاً لها، وهي لا تريد وجع الراس ولا ما يذهب بالابتسامات الجميلة لوزرائها، فلها أن تركن هذه التقارير جانباً، أو تضعها في أحد أدراجها للحفظ والنسيان، كما فعلت بمعظم خطط التطوير والإصلاح، مثل «كويت 35»، فخيارها السهل جداً لتغيير الحال وإيجاد مصادر رديفة للدخل هو أن يقوم أحد الوزراء «المهمين»، أو أي مسؤول كبير آخر بالاتصال بوزير أو مسؤول في الإمارات أو قطر أو أي بلد خليجي لا يراوح مكانه ولا يتراجع ويسأله بالعامية «شنو سويتو عندكم؟» ويخبر المسؤول في تلك الدولة الخليجية أننا نريد أن نكون مثلهم لا أكثر ولا أقل.

مسؤولنا المهم جداً - ولا نعرف من يكون هذا - لا بُد أن يكون أميناً في نقل تجربة الدولة الخليجية، أسهلها أن يسأل زميله الخليجي: ماذا يوجد في مطاراتكم وفنادقكم غير موجود عندنا؟ ويسأله: كم من الوقت يحتاج الزائر السائح أو المستثمر لدخول بلدكم دون الوقوف ساعات أمام الكابينة؟ وما هي التسهيلات التي تقدمونها له في مقابل العُقد الكأداء هنا؟

Ad

لندع المسؤول الكويتي يسأل زميله الخليجي: ما معنى الانفتاح الاقتصادي والتجاري؟ وكيف وصلتم لهذه الدرجة، بينما الكويت كموقع جغرافي هي أفضل من بقية شقيقاتها الخليجيات؟ كيف طوروا بلدانهم وقفزوا للأمام بينما تخلفنا بدورنا؟ ومَن كان المسؤول الأول عن هذه الردّة والنكوص للخلف؟ وإذا كان الاتهام يوجه للمجالس النيابية في السابق، فمن هو المسؤول عن جمود الحال اليوم بعد أن أصبحت الحكومة هي ماما وبابا وكل حاجة في حياتنا، كما قالت المؤرخة فيروز الصغيرة لأنور وجدي.

لا توجد ليبرالية سياسية في دولنا، لكن بقية دول الخليج لديها ليبرالية اجتماعية، لا أحد يصادر حرياتك في أن تفعل ما تشاء طالما لم تتعدَّ على الآخرين، السائح يجد هناك ما يروح عن نفسه في المقهى والمطعم والفندق، وإذا ركب السيارة فلا يوقفه أحد من رجال الأمن ويحشر أنفه داخل فم السائح والمستثمر ويطلب منه الهوية والإجازة ويشتمُّ ماذا شرب هذا الزائر طالما لم يكن يقود السيارة. أيضاً جرائدهم لا توجد فيها أخبار عن مصادرة سموم خمور محلية الصنع وسوق سوداء رائجة، ونادراً ما يعانون من الحبوب المدمرة مثل الكبتاغون وغيرها.

لا توجد ليبرالية سياسية ولا ليبرالية اجتماعية في الوقت ذاته... الدولة أصبحت سجناً بلا أسوار.... لا حاجة لتقارير «الشال» الآن إذا كانت مزعجة على نفوسكم... فقط اصنعوا ما يصنعونه وانتهينا.