غزة اليوم تعيش المشهد الذي حذَّر منه جورج حبش طوال حياته. المدينة المُحاصرة تُقصف، الأطفال يُقتلون، المستشفيات تُغلق، والمجتمع الدولي يتفرَّج ببرود.

لو كان «الحكيم» بيننا الآن، لما اكتفى بالكلمات، بل لرفع صوته مُدوياً: هذه ليست حرباً عابرة، بل معركة وجود، والثأر فيها ليس خياراً، بل واجب.

Ad

حبش كان يرى أن فلسطين ليست قضية حدود، بل قضية حُرية الأمة كلها.

وما يجري في غزة اليوم يُعيد إنتاج مقولته الشهيرة: «المفاوضات جريمة». فمَنْ يُراهن على التسويات يرى الدماء تسيل بلا ثمن، ومَنْ يرفع البندقية يعلن أن الثأر للضحايا هو طريق الكرامة الوحيد. الجبهة الشعبية التي أسسها حبش صاغت معادلة بسيطة: لا عدل بلا مقاومة، ولا عودة بلا ثمن.

وما يحدث في غزة اليوم يؤكد أن الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة. هذا ما قاله الحكيم منذ 1967، وهذا ما نراه واقعاً الآن: قوة السلاح هي التي تُربك العدو، لا بيانات الشجب ولا موائد المفاوضات. الثأر عند حبش لم يكن انتقاماً أعمى، لكنه فعل ووعي واستراتيجية. كان يؤمن بأن كل قطرة دم فلسطينية هي أمانة تُحمل على أكتاف المناضلين حتى يتحقق التحرير الكامل.

وغزة اليوم، بصمودها ومقاومتها، تجسِّد هذا المبدأ: أن الدم لا يُهدر، بل يُحوَّل إلى نار تُحاصر العدو في كيانه الهش.

لقد رحل جورج حبش جسداً عام 2008، لكنه حاضر اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى. كل صاروخ يخرج من غزة، وكل مقاتل يقف على تخومها، هو امتداد لمدرسته الثورية. فالثأر ليس مجرَّد شعار، بل فعل مقاومة يومي ضد مُحتل لا يعرف الرحمة.

إن غزة اليوم تقول بصوت الحكيم: لا صلح، لا استسلام، لا مساومة، فالثأر للشهداء، وللمدينة المحاصرة، لا يكون إلا بتحرير فلسطين كاملة، من البحر إلى النهر.