الاقتصاد الاجتماعي هو نمط اقتصادي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، من خلال الجمع بين الأهداف الاقتصادية والأهداف الاجتماعية، فهو يجمع بين مبادئ الاقتصاد والفلسفة الاجتماعية والأخلاق وعلم الاجتماع، بحيث يتمركز حول الإنسان والمجتمع، بدلاً من التركيز فقط على تعظيم الأرباح ورؤوس الأموال، فهو يركّز على التضامن والمشاركة والمسؤولية والعدالة لخلق مجتمع أكثر توازناً واستدامة. فالاقتصاد الاجتماعي التضامني (الشعبي) يُعد مكملاً للاقتصادين التقليدي والرأسمالي، وأكثر قُرباً من الاقتصاد الإسلامي، ويُستخدم كثيراً في دول أوروبا وأميركا اللاتينية ضمن سياسات التنمية المجتمعية.
وتتمثل تطبيقاته في المبادرات المجتمعية، والجمعيات التعاونية، والبنوك الاجتماعية المتخصصة في تمويل الزراعة والمشاريع الاجتماعية والحرفية المتناهية الصغر، وجمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني.
وترتبط أهدافه عادةً بأهداف التنمية المستدامة الـ 17، المرتبطة بتقليل مستويات الفقر والبطالة، وتمكين الفئات المهمشة لخلق مجتمع أكثر توازناً واستدامة، فالاقتصاد الاجتماعي يقوم على العلاقة بين الاقتصاديات والسلوك الاجتماعي، وله مجموعة من الخصائص والركائز، والمكونات والمقومات التي تجعله متميزاً عن الاقتصاد التقليدي، ومقارباً للاقتصاد الإسلامي، وتمنحه طابعاً مجتمعياً يركز على العدالة، والتضامن، والاستدامة.
فمن من أهم خصائصه ومكوناته: 1- المنفعة الاجتماعية قبل الربحية: الربح موجود، لكن ضمن حدود الشراكة والمسؤولية المجتمعية. 2- المؤسسات غير الربحية أو التعاونية، مثل الجمعيات التعاونية، المنظمات غير الحكومية، وصناديق التمويل المجتمعي، الوقف والمؤسسات الخيرية والعدالة في توزيع الموارد والعوائد. 3- الحوكمة التشاركية في اتخاذ القرارات المؤسسية. 4- إعادة استثمار الأرباح وتوجيه الفائض لتحسين الخدمات أو توسيع الأنشطة الاجتماعية. 5- الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر الاجتماعي، الإنتاج المحلي، التعليم والصحة، البيئة والطاقة المتجددة، التوظيف والتمكين الاقتصادي لكل فئات المجتمع مع تعزيز الشفافية والمسؤولية. 6 - يرتكز على العدالة الاجتماعية، والتضامن والتكافل، وعلى الملكية الجماعية أو المشتركة، بدلاً من التركيز على الملكية الفردية المطلقة. 7 - يشجع على الابتكار الاجتماعي وتطوير حلول جديدة لمشكلات اجتماعية واقتصادية، ويدعو إلى الشراكة بين مختلف قطاعات الدولة مع الاهتمام برأس المال البشري.
أما أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الاجتماعي، فتكمن في غياب التشريعات والوعي المجتمعي، وهيمنة القطاع العام على الاقتصاد، مما يستدعي بناء أطر قانونية وتشريعية داعمة، وإنشاء صناديق تمويل جماعي محفزة، ودمج مفاهيمه في مناهج التعليم وبرامج التوعية، وتعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات النفع العام، ودعم الحرفيين المحليين وتمكين الأسر المنتجة، وتشجيع المشاريع التي تدمج الربحية بالأثر الاجتماعي، مع تنظيم مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات.
الاقتصاد الاجتماعي ليس مجرّد نشاط اقتصادي، بل هو منظومة قيم وممارسات تهدف إلى بناء مجتمع أكثر عدلاً وتماسكاً وتنميةً واستدامة، ويمكن أن يُعدّ رؤية ذات ركيزة استراتيجية تسهم في تنويع الاقتصاد، وفي تطوير برامج التحول الوطني بالدول التي تسعى لتنويع مصادر دخلها وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة عند اعتمادها أهداف وركائز الاقتصاد الاجتماعي.