«ثمة لحظات تكون فيها الروح جاثية على رُكبتيها، مهما كان وضع الجسد».
الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو
بالفعل، هي لحظات صعبة، بل قاسية جداً، حين تجد النفس وقد بدأت تجثو على رُكبتيها شيئاً فشيئاً، تبحث عن فرصة لالتقاط المبادرة والوقوف من جديد، تنادي سراباً خط على طريق الأمل حلماً يتلألأ، سُرعان ما يتبخر!
الأغصان تحتضن الأرواح بلهفة، تدرك معناها، وتلمس جوهرها، الذي ينثر عِطره في الأزقة الحزينة، لكنها تقف عاجزة عن لملمة الدموع العازفة بأنغام الألم على الجدران المطلية بلوعة الفراق، أمامنا تجري الأيام والسنوات، وهناك على مسافة قريبة، تسابق الغيوم الزمن.
الأُمنيات عالقة بين الحياة والمجهول، الخطوات متعبة، الانتظار ثقيل، والليل يشتد عتمة، فيما تحدق أبصار المُحبين في أنحاء الدار، بحثاً عن صورة تنبض بالحياة، عن فنجان يتغزل برائحة القهوة، وعن لوحة تعزف بألوان الذكريات مقطوعة يتنفسها كل الذين مرّوا من هنا.
الحالمون على أسوار المدينة، لم يتبق لهم سوى تلك الأوتار البالية، تعزف كل منها مقطوعة تروي ألف حكاية في لحظة صمت، وألف رواية لا نهاية لها، بإيقاع يملأ صفحات العُمر ندوباً لا تختفي، مهما طالت الأيام.
اضطرابات لا تنتهي، الحيرة تتسيَّد الموقف، الرؤية ضبابية رغم سطوع الشمس، والأذهان أرهقتها قرارات وقتية، ولم تعد تمتلك لياقة للتدبر والتفكر، واستيعاب المتغيِّرات اليومية، هي أرواح يئست حتى من أحلامها، تحتاج إلى فسحة للثبات، للبقاء، أو حتى لالتقاط الأنفاس التي تحوَّلت إلى تنهيدة رسمها قلم!