قد نشعر ببعض التعاطف مع إدارة شركة والت ديزني. فلولا التدخل غير الحكيم لرئيس لجنة الاتصالات الفدرالية بريندان كار، لكان لدى «ديزني» مبرر صلب لإقالة جيمي كيميل. لكن تهديد الحكومة لحُرية التعبير لا يمنح الشركة الحق في إعادة كتابة التاريخ. صحيح أن الدولة ينبغي ألا تراقب الكلام، لكن هذا لا يعني أن «ديزني» يجب أن تبرِّر تصريحات كيميل الخاطئة.

بيان الشركة الأخير قال إنها أوقفت البرنامج الأسبوع الماضي لتجنُّب «تصعيد التوتر» بعد تصريحات كيميل، وإنها أجرت معه «محادثات مدروسة» قبل أن تقرر عودة البرنامج. لكن الحقيقة أن تعليقات كيميل لم تكن «في توقيت غير مناسب»، بل كانت ببساطة غير صحيحة. ففي برنامجه، اتهم أنصار حركة «ماغا» بمحاولة تبرئة قاتل تشارلي كيرك من خلفيته اليسارية الثقافية، وهو ما يُعد تشويهاً واضحاً.

Ad

هل ناقشت «ديزني» فعلاً محتوى هذه التصريحات مع كيميل؟ لا يبدو ذلك. كل ما رأيناه كان محاولة لإدارة الأزمة بعلاقات عامة ناعمة، لا محاسبة حقيقية. صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت أن مفاوضات مطوَّلة جرت بين كيميل ورئيس «ديزني» بوب آيغر ومسؤولة الترفيه دانا والدن لإعادته إلى الشاشة بعد توقفٍ قصير، لكن لم يظهر ما يشير إلى اعتراف أو تصحيح علني.

هذه الحادثة تُعيد إلى الأذهان جدلاً أوسع حول حُرية التعبير. فالتدخل الحكومي الأخير لم يكن الأول: رسالة من محامي شركة ألفابت (غوغل ويوتيوب) إلى رئيس لجنة القضاء في مجلس النواب جيم جوردان كشفت عن ضغوط متكررة مارسها مسؤولون في إدارة بايدن على الشركة لإزالة محتوى عن «كوفيد-19» رغم أنه لم يخالف سياساتها. ورغم أن الشركة قاومت هذه الضغوط، فإن خلق مناخٍ سياسي يضغط على المنصات للتلاعب بالمحتوى يظل خطراً على التعديل الأول.

القضية هنا ليست فقط كيميل أو «ديزني»، بل مسألة مبدئية: مَنْ يقرر ما يمكن أن يُقال ومتى؟ ترك مثل هذه النزاعات للمحاكم أفضل بكثير من السماح للحكومة أو الشركات الكبرى بالتحكم في حدود النقاش العام.

وفي خبر آخر من ولاية إلينوي، يسلِّط تقرير «شيكاغو تريبيون» الضوء على مفارقة صادمة: في منطقة مدارس دولتون 148، لم يتجاوز سوى 20 في المئة من الطلاب معايير القراءة، و7 في المئة فقط في الرياضيات، ومع ذلك حصل المشرف السابق على راتب ومزايا تجاوزت 537 ألف دولار العام الماضي– أكثر من راتب الرئيس الأميركي نفسه.

يبدو أن دروس هذه القصة متعددة: المؤسسات الكبرى– سواء كانت شركات إعلامية أو حكومات محلية– تميل إلى حماية صورتها ومصالحها قبل التفكير في الجمهور الذي تخدمه.

ما يحتاجه الجمهور هو محاسبة حقيقية وشفافية، لا بيانات منمَّقة عن «محادثات مدروسة».

* جيمس فريمان كاتب عمود في «وول ستريت جورنال» ومؤلف مشارك لكتاب «The Cost: Trump، China and American Revival»