أحياناً يتم إعفاء مسؤول من منصب عالٍ بعد تعيينه بأيام قليلة أو حتى ساعات، ولا يتم الإعلان عن سبب الإعفاء أو الإقالة، ولكن سرعان ما يُكتشف أن هذا القيادي كتب تغريدات ينتقد فيها الحكومة قبل شهور أو سنوات.

فهل كان هذا الانتقاد حصيفاً وملتزماً بحدود القانون والأخلاق ولا يستحق صاحبه الإقالة وأن الحكومة لا تقبل بأي انتقاد؟ أم أنه استخدم ألفاظاً بذيئة أو غير لائقة بحق الآخرين في تغريدات حتمت إعفاء صاحبها من هذا المنصب العالي؟

Ad

لذلك، لابد من التفريق بين إبداء الرأي المجرد والانتقاد البناء للأمور العامة والقضايا المتداولة، وبين الإساءة والكلام غير اللائق بحق أي شخص طبيعي أو معنوي.

هذا من جانب، وفي الجانب الآخر يجب أن يتحلى الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بالبذاذة.

فالبذاذة هي صفة محمودة، وتعني التواضع في الهيئة والملبس، وهي من شعب الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث «البذاذة من الإيمان».

وتحلي كبار المسؤولين في الدولة بصفة البذاذة يجعلهم قريبين من عموم الناس فلا يترفعون عليهم، ويصبرون على انتقاد أعمالهم إذا كان الانتقاد بنّاءً ويسعى للإصلاح بطرح علمي ودون تجريح أو إساءة، ويجب أن يعتبروا هذا الانتقاد إشارة طيبة سواء في الصحف أو الدواوين أو وسائل الاتصال للأخطاء وتستفيد منه الحكومة وكبار المسؤولين.

أما البذاءة فهي صفة مذمومة وتعني السب والشتم والإهانة والتقبيح. ولكن وللأسف انتشرت البذاءة في وسائل التواصل وكان لها تأثير سيئ على الأفراد والمجتمع، وحرمت كثيراً من الكفاءات من المناصب التي يستحقونها، بينما كان باب الانتقاد العلمي وحرية النشر والرأي بناء على الأدلة والإقناع بالأسلوب الحسن مطلوباً ومحموداً.

إذاً، فالمطلوب أن تتحلى الحكومة بالبذاذة في تقبل النصيحة والرأي الآخر، وأن ينبذ الكتّاب والنقّاد البذاءة في جميع صورها وأشكالها، وأن يتحلوا بالحصافة في إبداء رأيهم.