بدأت إيران في إعادة بناء مواقع إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل خلال حربها التي استمرت 12 يوماً في يونيو الماضي، بحسب ما أظهرته صور بالأقمار الصناعية، حللتها وكالة أنباء «أسوشيتد برس».
إلا أن الخبراء يقولون إنه من المرجح أن هناك عنصرا رئيسيا لا يزال مفقودا، وهو الخلاطات الكبيرة اللازمة من أجل إنتاج الوقود الصلب للأسلحة. ويعد إعادة بناء البرنامج الصاروخي أمرا مهما بالنسبة لطهران، التي تعتقد أنه من الممكن أن تكون هناك جولة أخرى من الحرب مع إسرائيل. وتعتبر الصواريخ إحدى أدوات الردع العسكرية الإيرانية القليلة، بعدما دمرت الحرب أنظمة دفاعها الجوي، وهو أمر أصرت طهران منذ فترة طويلة على أنه لن يدرج أبداً في المفاوضات مع الغرب.
وكشف رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في مقابلة تلفزيونية، أن إسرائيل تمكنت من نفاذ بعض أنظمة الصواريخ الإيرانية.
وأضاف أن تل أبيب كانت على علم دقيق بوضع الصواريخ وجاهزيتها عبر الأقمار الصناعية، ما دفع القوات الإيرانية لتحسين دقة وقدرة الصواريخ لاحقاً خلال حرب الـ 12 يوماً.
وذكر أن الجيش الإسرائيلي كان يحاول قبل 5 سنوات استهداف إيران بعملية مشابهة لما يُعرف بـ»عملية البيجر» التي نفذت ضد حزب الله.
محادثات اللحظة الأخيرة
يأتي ذلك، فيما تعقد محادثات بين ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيران على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لتجنب معاودة فرض عقوبات الأمم المتحدة قبل مهلة تنقضي في 27 الجاري وفق آلية الزناد (سناب باك) المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015.
وأجرى وزراء خارجية دول فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فيما يُعرف باسم الترويكا الأوروبية، ومعهم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، محادثات مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي في نيويورك.
غير أن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة. ونقلت «رويترز» عن مصدر دبلوماسي فرنسي «لم تستوفِ إيران الشروط في الوقت الحالي، لكن المناقشات ستستمر لاستكشاف جميع الاحتمالات على أكمل وجه».
وعرضت القوى الأوروبية تأجيل معاودة فرض العقوبات لمدة تصل إلى 6 أشهر لإتاحة المجال أمام إجراء محادثات بشأن اتفاق طويل الأجل إذا سمحت إيران مجدداً لمفتشي الأمم المتحدة النوويين بدخول أراضيها وعالجت المخاوف إزاء مخزونها من اليورانيوم المخصب وانخرطت في محادثات مع الولايات المتحدة.
وإذا لم يتم التوصل الى اتفاق فستستأنف جميع عقوبات الأمم المتحدة، ومنها على قطاع النفط والغاز، على إيران، غير أن وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد قال، أمس، إن مبيعات النفط الإيراني إلى الصين ستستمر حتى مع تطبيق «آلية الزناد».
وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن علي لاريجاني مستشار الزعيم الأعلى الإيراني انتقد الغرب «لتقديمه وعودا فارغة»، قائلا إن الجمهورية الإسلامية لن تقبل إلا «اقتراحا معقولا وعادلا يضمن مصالح إيران».
وقال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ»رويترز» إنه يجري في نيويورك محادثات «مكثفة» مع إيران والقوى الأوروبية والولايات المتحدة لإيجاد حل.
وأضاف أن فريقا من المفتشين في طريقه إلى إيران ليكون مستعدا في حال توصلت طهران والقوى الأوروبية إلى اتفاق لعودة عملهم.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال كلمته أمام الجمعية العامة أمس الاول إنه لابد من عدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية. وأضاف «موقفي بسيط جدا: لا يمكن السماح لراعي للإرهاب الأول في العالم بامتلاك أخطر سلاح في العالم». بعد ساعات قليلة من ذلك، رفض المرشد الإيراني علي خامنئي أي مفاوضات مع واشنطن، وقال إن «المفاوضات لن تخدم مصالح طهران وستصل إلى طريق مسدود».
وأعلنت منظمة الطاقة الذرية بإيران مؤسسة روساتوم الروسية «توقيع مذكرة تعاون بين إيران وشركة روساتوم الروسية لبناء محطات نووية صغيرة بإيران».
استدعاء «جبهة الإصلاحات»
إلى ذلك، اكد جواد إمام، المتحدث باسم «جبهة الاصلاحات» أن عدد من قادة الجبهة، بينهم رئيسها آذر منصوري، والنائب ابراهيم اصغر زادة، وأعضاء في الهيئة الرئاسية للجبهة تلقوا رسائل استدعاء منفصلة من قبل محكمة الثقافة الاعلام للحضور خلال 48 ساعة.
وكشف مصدر في هيئة رئاسة «جبهة الإصلاحات» لـ «الجريدة» أن بعض من تلقوا مثل هذه الاستدعاءات واجهوا اتهامات مثل ترويج الأكاذيب، وتشويش الرأي العام، والتآمر ضد النظام والبلاد، والتعامل مع الأجانب، والتعاون مع مؤسسات اعلامية معارضة للنظام، والمشاركة في برامج في شبكات إعلامية محظورة، والإدلاء تصريحات تخل بالأمن العام للبلاد، والعمل في المجال الإعلامي دون ترخيص.
وانتشرت في الآونة الأخيرة برامج على شبكات التواصل الاجتماعي المحظورة في إيران، خصوصا على يوتيوب وانستغرام، استغلها الإصلاحيون للترويج لأفكارهم في مواجهة امتناع مؤسسة الإذاعة التلفزيون الرسمي الوحيدة المرخصة في ايران عن استقبالهم.
وكانت «جبهة الإصلاحات» قد دعت بعد حرب الـ 12 يوما الى اجراء استفتاء عام على نوع النظام والحكم وسياسات النظام، الأمر الذي اثار غضب المحافظين في البلاد، واعتبروا أن ذلك يهدف الى تفريق الشعب الذي توحد خلال الهجوم الإسرائيلي- الأميركي.
ويعتبر قادة «جبهة الاصلاحات» من يساريي النظام الإسلامي الذين كانوا نافذين في بداية الثورة ثم فقدوا سطوتهم مع وصول ثنائي المرشد الحالي علي خامنئي، والرئيس الراحل علي اكبر رفسنجاني الى السلطة بعد وفاة روح الله الخميني، وانتقلوا منذ ذاك الى صفوف المعارضة. وتعتبر الجبهة منشقة عن الإصلاحيين الذين يقودهم الرئيس السابق محمد خاتمي.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة، أمس، وصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الهجوم الإسرائيلي على بلاده بأنه عدوان على النظام القانون الدولي، مؤكداً أن «إيران لن تركع».
واذ انتقد مساعي الترويكا الاوروبية لإعادة العقوبات على بلاده معتبرا انها خطوات غير قانونية، رحب بزشكيان بـ «التحالف الدفاعي بين السعودية وباكستان باعتباره بداية لإنشاء نظام أمني اقليمي شامل بتعاون الدول المسلمة في غرب آسيا».