تقدم الفنانة التشكيلية د. فريدة عابدين لوحاتها كمساحة مفتوحة للحوار بين الإنسان والتراث والطبيعة، وتتنقل أعمالها برشاقة بين «البورتريه» والطبيعة الصامتة والمشاهد الحيَّة، لتنسج هوية بصرية خاصة، تجمع بين الدقة الأكاديمية والروح الشرقية الأصيلة. وأعمالها تحمل هوية خاصة تجمع بين الواقعية الكلاسيكية والتعبير العاطفي الهادئ، ما يجعلها أقرب إلى لغة بصرية شاعرية تنطق باللون والضوء.
توازن الرواد والشباب
وعن أسلوبها، قالت د. عابدين إنها توظف تقنيات المدرسة الكلاسيكية (الظل، والنور، والدقة التشريحية)، لكنها تُطعِّمها برموزٍ من الثقافة العربية (الدلة، والزخرفة، والقهوة)، وبذلك تعكس هوية محلية ضمن إطارٍ عالمي.
ولفتت إلى أن أعمالها تحمل ثلاث رسائل أساسية: الإنسان عبر «البورتريهات» التي تُبرز العُمق النفسي، والذاكرة الثقافية من خلال استحضار رموز من التراث الكويتي، والطبيعة والحياة عبر الزهور والحيوانات، لتأكيد جمال الكون المُحيط.
وعن رأيها في الحركة التشكيلية بالكويت، أكدت د. عابدين أن المشهد التشكيلي الكويتي غني ومتنوع، ويتميَّز بتجارب فنية متعددة، منها المزج بين الأصالة والحداثة.
وذكرت أن هناك أجيالاً من الفنانين الشباب الذين يقدِّمون رؤى جديدة تحمل وعياً بصرياً مختلفاً، مستفيدين من الانفتاح الثقافي والتقني، في حين يُحافظ الرواد على خطٍ أصيل يُثري الذاكرة الفنية المحلية.
وأوضحت أن هذا التوازن بين جيل الرواد وجيل الشباب يمنح الحركة التشكيلية في الكويت ديناميكية خاصة تجعلها أكثر حيوية وقابلية للتجدُّد.
تظاهرة فنية عالمية
وعن آخر مشاركاتها، قالت د. عابدين إنها شاركت في تظاهرة فنية عالمية، وهي النسخة العاشرة من «سمبوزيوم روسيا الدولي للفنون»، الذي عُقد من 14 حتى 23 الجاري، جامعاً نُخبة من الفنانين التشكيليين من مختلف أنحاء العالم، وقد شارك مجموعة من الفنانين الكويتيين بجانبها، هم: سعد الشامري، وريم المنيس، وريم الحمدان، وعذاري بوحمد، وزينب مظفر، ونورة المحبوب، ومريم الخرس، وإيمان سليمان، وجمانة دشتي.
وأكدت أن مثل هذه المشاركات تمثل جسوراً للتواصل الثقافي وتبادل الخبرات، مشيرة إلى أن الحركة التشكيلية في الكويت أصبحت أكثر انفتاحاً على التجارب العالمية، والفنان الكويتي أصبح قادراً على تمثيل هويته بروحٍ معاصرة تجمع بين الأصالة والتجديد.
وأشارت إلى أنه تخلل برنامج «السمبوزيوم» ندوات فنية وحلقات نقاش، إضافة إلى معرضٍ فني قدَّم فيه الفنانون أعمالهم.
«الأرض الأم»
وعن عملها الذي شاركت به، قالت د. عابدين إنها قدَّمت لوحة زيتية جديدة بعنوان «ماذرلاند– الأرض الأم»، مُستوحاة من واحدة من أعظم المنحوتات التذكارية في العالم، والتي تجسِّد صمود روسيا في الحرب العالمية الثانية ضد النازية.
وبينت أن اللوحة، المُنفذة بخامات ألوان زيتية على قماش كنفاس لينين بمقاس 70×80 سم، تُحاكي تمثال «الأرض الأم تنادي» الذي أبدعه الفنان الروسي يفغيني فوشتيش. هذا التمثال العملاق، بارتفاع 85 متراً، يُعد من أطول وأضخم التماثيل في العالم، وقد شُيد تخليداً لضحايا معركة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية، التي انتصرت فيها روسيا على ألمانيا النازية. وذكرت د. عابدين أنها ركَّزت في عملها على قوة الحركة والرمزية، إذ يظهر التمثال على هيئة امرأة شامخة ترفع سيفها بيد، وتفتح الأخرى، كأنها تستدعي أبناءها للدفاع عن أرضهم وكرامتهم. وقالت إن اختيارها لهذه المنحوتة التاريخية لم يكن مجرَّد محاكاةٍ لشكلٍ فني، بل هو استدعاء لذاكرة إنسانية تجسِّد معنى الصمود والتضحية والانتصار على الظلم.