أول العمود: الهجوم العسكري الذي جرى على قطر أخيراً يُجدِّد سؤالاً قديماً رافق استقلال بعض دول الخليج العربية، وهو إيجاد صيغة أمن جماعي رادع.
***
ينبغي الاطلاع على الفعل الأوروبي حول «حفلات الإبادة البشرية» خلال القرن العشرين، في إفريقيا وآسيا وأراضي الأميركتين، لغرض فهم ما يحدث في فلسطين منذ أكثر من 100 عام، والذي جرى تصديره عبر فكرة الكيان الصهيوني، من خلال إحلال يهود من أوروبا بديلاً لشعب آخر في فلسطين!
هذه الأيديولوجيا تعتمد على عدم أهلية شعوب وعيشهم في مناطقهم، والعمل على إبادتهم، إن صدرت منهم مؤشرات مقاومة، لكونهم من مستويات دُنيا من التحضُّر.
حول ما يجري اليوم في فلسطين يمكن استخلاص بعض الملاحظات المهمة التي تعمل على تغيير مفاهيم كثيرة في العالم، منها شكل الحرب، والقوانين الدولية المنظمة لها.
هنا نرصد الآتي:
أولاً: في فلسطين يجري اليوم تطبيق نُظم حروب الدول على شعبٍ أعزل، بمعنى استخدام قنابل وقصف بالطائرات ضد مدنيين عُزَّل، لا مقاتلين في جيش دولة... هذا تغيير جوهري في المفاهيم القانونية للحروب.
ثانياً: العالم الغربي موافق تماماً على الإبادة البشرية في فلسطين، وكأن الخيط المُمتد منذ وعد بلفور حتى اللحظة يبدو غليظاً لم يهترئ. هذا العالم (المُتحضِّر) يسند فعل القتل من خلال دعم الكيان (غير المُتحضِّر)!
ثالثاً: وجود عدد من وزراء الكيان الصهيوني ممن يُروِّجون أيديولوجيا أوروبية– صهيونية حول عدم أهلية أنواع من الشعوب للتحكم في مناطق جغرافية، لتبرير الإبادة والإحلال.
رابعاً: ما سبق سيُعَد عادياً جداً مع مرور الزمن، وربما يتكرَّر في حروبٍ قادمة بمواقع مختلفة إذا لم يقف المُجتمع الدولي موقفاً حاسماً تجاه فعل الإبادة، وهو لن يفعل!
خامساً: المُخيف فيما يجري بفلسطين، أنه مُصوَّر ومباشر ويومي، على عكس مجازر ضخمة سابقة في زمن لم يكن به إعلام نشط وفوري... هذه الحالة الجديدة تجعل القتل عادياً، ويُقابله شيوع حالة من اليأس وعدم القدرة على تغيير شيء.
سادساً: كأننا اليوم أمام نظامٍ جديد للقتل جرى التوصل إليه بفضل التطوُّر التكنولوجي، وهو انتقاء ذكي للضحايا. تماماً كما جرى لقياديين في حزب الله وإيران، وما جرى في قطر أخيراً، رغم عدم تحقق الهدف الصهيوني من القصف المُجرم. لسان حال القاتل هنا يقول: نحن نقتل بنظافة!
سقطت فكرة أن تطوُّر الزمن يؤدي إلى تحضُّر الإنسان، فالأنانية وحُب الاستحواذ خصلتان تُنميان الشَّر في النَّفْس الإنسانية.