لم يكن الغرور والغطرسة والجنون التي اتسمت بها تصريحات نتنياهو، سواء بعد الغارة
العسكرية الإسرائيلية على قطر، أو بعد القمة العربية - الإسلامية التي انعقدت الأحد الماضي في الدوحة، زلّات لسان، بل هي تعبير عن كوامن نفس شخصية نتنياهو المريضة، الغارق حتى أذنيه في عقيدة وتعليمات مدرستين، أولاهما المدرسة الصهيونية التلمودية، وثانيتهما مدرسة الرئيس الأسبق نيكسون في نظريته السياسية التي قال بها أثناء حرب فيتنام، ونوردهما تباعاً فيما يلي:
أولا: المدرسة الصهيونية التلمودية، التي جعلت نتنياهو غير عابئ بأرواح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس»، رغم التظاهرات الصاخبة التي تحيط بمنزله وبمجلس الوزراء و»الكنيست» ووزارة الدفاع، والتي تطالبه بوقف الحرب، فهذه التضحية ضرورية ولازمة لخطة الصهيونية في السيطرة على العالم، وقد كشف عن هذه الخطة الحاخام إيفانوفيتش، خلال المؤتمر الصهيوني الذي عقد في بودابست عام 1954، وضمّ جميع حاخامات أوروبا، واستطاعت الصحيفة الأميركية، كومن ساينس، وقتها، أن تحصل على صورة من هذه الخطة من خلال الخطاب الذي ألقاء في المؤتمر.
وما يعنينا من خطوات الطريق في هذه الخطة:
1 - القضاء على الأجناس الأخرى غير الإسرائيلية، وفي «التلمود» أن الشعب اليهودي وحده هو الذي يستحق الحياة الأبدية (الحاخام آبار)، وأن بني إسرائیل أرواحهم مصدرها الله، أما أرواح بقية الأمم فمصدرها الروح النجسة (الحاخام مناحم).
ويتيح «التلمود» أنّ من قتل إسرائيلياً فكأنما قتل العالم أجمع، وقتل الصالح من غير الإسرائيليين.
2 - أنه لن تكون هناك أديان أخرى، فالدين قد يكون خطراً دائماً على سيطرة الصهيونية على العالم، كما أن الإيمان بوجود عالم آخر قد يحافظ على الروح المعنوية للشعوب، ويدفعها إلى معاداة السامية والصهيونية.
3 - الكشف عن العناصر المعادية للصهيونية للقضاء عليها، فالغارة على قطر، التي بها قاعدة عسكرية مهمتها الأساسية الحفاظ على الأمن الإقليمي بالمنطقة وفي آسيا، ضاعت معها هيبة أميركا وهيبة قاعدتها العسكرية، دون أن ينبس ترامب ببنت شفة، احتجاجاً على تلك الغارة، إلّا إذا كان الرئيس الأميركي قد أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل قبل هذه الغارة.
ولئن كانت قطر دولة إسلامية وعربية وخليجية، فإنه العدوان ذاته يمكن أن يتكرر على أي دولة في العالم، مسلمة أو مسيحية، وعلى أي دولة أوروبية، بل وعلى بريطانيا ذاتها، منتهكا سيادتها إذا لم تعتقل هؤلاء الذين يضمرون البغضاء أو العداوة لإسرائيل، وعليها محاكمتهم، لأنه على العالم أجمع أن يكون سياجاً منيعاً لأمن إسرائيل، فأمنها ويدها الطولي سوف تتواجد في أي بقعة من العالم، لتصفية أعدائها ولو كانوا في بروج مشيّدة!
وقد صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين - دون استحياء أو خجل - بأن من مَن أغارت عليهم الطائرات الإسرائيلية في قطر هم إرهابيون يستحقون القتل، وتناست أن هذا الوفد جاء لهدف نبيل، وبناء على دعوة من رئيس البيت الأبيض، رئيس أميركا، لإنقاذ أرواح البشر من حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على شعب أعزل، بالقصف المتواصل والتجويع والتشريد والتهجير، فكارولين لا ترى في كل هذا إلا دفاعا عن النفس (أمن إسرائيل)!
4 - ولو اقتضى ذلك إشعال حرب عالمية ثالثة، وهو هدف من أهداف هذه الخطة، وبل وكان هذا الهدف هو أول أهدافها، في مؤتمر بودابست، وقد كان اليهود في أوروبا هم السبب في إشعال الحرب العالمية الثانية عندما تآمروا على ألمانيا بدفع الدول الأوروبية إلى منع استيراد منتجات المصانع الألمانية، فأثاروا بذلك حفيظة هتلر، فأعلنها حربا على العالم كله واليهود... وكانت «الهولوكست».