عشية انطلاق مؤتمر «حل الدولتين» الذي تترأسه السعودية وفرنسا وتعوّل عليه الأمم المتحدة لدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك، شرع جيش الاحتلال في دكّ مدينة غزة بقصف غير مسبوق على الأحياء السكنية المكتظة تنفيذاً لأوامر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي سارع إلى مطالبة حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالضغط على مصر لوقف تعزيزها العسكري في شبه جزيرة سيناء.

وفي ظل مراوحة الجهود الدبلوماسية لإحياء مسار المفاوضات غير المباشرة بين طرفي حرب غزة مكانها دون إحراز أي تقدم يُذكَر، شن الجيش الإسرائيلي قصفاً عنيفاً بمختلف أنواع الأسلحة على أحياء تل الهوى والرمال والزيتون والشجاعية والشيخ رضوان وعبدالرحمن، وواصل نسف المنازل بتفجير عشرات المركبات المفخخة ما دفع بعشرات الآلاف إلى النزوح، وأثار موجة تخوف من احتمال تعرض الفلسطينيين لتهجير دائم من مركز القطاع المدمر أمس.

Ad

وتقدمت الدبابات الإسرائيلية في محيط شارع الجلاء وحي الشيخ رضوان، في خطوة تعد الأولى من نوعها داخل أحد أبرز شوارع مدينة غزة الرئيسية.

وفي وقت أدت الاعتداءات على عموم مناطق القطاع إلى مقتل 49، من بينهم 38 في مدينة غزة أمس، ناشد الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل العالم للتدخل «بشكل فوري من أجل وقف المذبحة».

من جهتها، نشرت حركة حماس، صورة جديدة للمحتجزين الإسرائيليين لديها، وعددهم 47، ووصفتها بـ «الوداعية»، محذرة من أن تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي سيجعلهم يلقون مصيراً مجهولاً.

في غضون ذلك، أوردت أوساط إقليمية أن مصر حذرت واشنطن وتل أبيب من أنها ستلجأ إلى تصعيد وجودها العسكري بسيناء في حال حدوث هجرة جماعية لأهالي غزة إلى أراضيها، مشددة على أن منع حدوث ذلك يقع على عاتق سلطات الاحتلال.

وكشف موقع «أكسيوس» أن نتنياهو طلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغط على القاهرة لتقليص حشدها العسكري الأخير في سيناء، موضحاً أن رئيس الوزراء قدّم لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو «قائمة بأنشطة مصر» في المنطقة المتاخمة للقطاع الفلسطيني.

ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولَين إسرائيليين أن «المصريين يُنشئون بنية تحتية عسكرية، بعضها يمكن استخدامه لأغراض هجومية، في مناطق لا يُسمح فيها إلا بالأسلحة الخفيفة بموجب معاهدة السلام لعام 1979».

وادّعى المسؤولان أن «مصر قامت بتوسيع مدارج القواعد الجوية في سيناء بحيث يمكن للطائرات المقاتلة استخدامها، وبنوا منشآت تحت الأرض تعتقد المخابرات الإسرائيلية أنها يمكن استخدامها لتخزين الصواريخ»، مشيرين إلى أنه «لا يوجد دليل على أن المصريين يخزنون الصواريخ بالفعل في تلك المنشآت»، لكنهم أوضحوا أن السلطات المصرية «لم تقدم تفسيراً معقولاً عندما قدمت إسرائيل استفساراً عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية».

وأضافا أن «إسرائيل قررت مطالبة إدارة ترامب بالتدخل بعد أن فشلت المحادثات المباشرة مع المصريين في إحراز أي تقدم».

ووسط توقعات باستمرار العملية البرية التي يسعى من خلالها نتنياهو لإجبار «حماس» على الاستسلام، بدعم أميركي في مجلس الأمن الدولي، أكدت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزيرة الخارجية الألمانية السابقة أنالينا بيربوك، أن مؤتمر «حل الدولتين» الذي ينطلق غداً قد يسهم في زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية بشأن انتهاكات غزة.

وجاء ذلك في وقت أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مكالمة هاتفية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتنسيق بشأن المؤتمر.

وشدد ماكرون، خلال المباحثات، مع بن سلمان على أن «المؤتمر خطوة لحشد الدعم الدولي لتحقيق السلام والأمن للجميع»، مضيفاً أن اعتماد «إعلان نيويورك»، خلال الاجتماع التمهيدي للمؤتمر، كان نقطة تحول في مسار السلام.