حذر الرئيس السوري أحمد الشرع الأكراد من أن فشل مسار دمج قوات سورية الديموقراطية (قسد) قبل نهاية العام الحالي قد يدفع تركيا إلى التحرك عسكرياً، مؤكداً أن بعض الأجنحة داخل «قسد» وحزب العمال الكردستاني، تعرقل تنفيذ الاتفاقات.
ورفض الشرع مطالب «قسد» المتعلقة باللامركزية، موضحاً أن القانون السوري رقم 107 يضمن أصلاً نسبة 90 في المئة من اللامركزية الإدارية، معتبراً أن هذه المطالب ليست سوى «غطاء للنزعة الانفصالية».
وفي تصريحات نقلها تلفزيون سورية، أمس، عن صحيفة «مللييت» التركية، استعاد الشرع لقاءه الأول مع قائد «قسد» مظلوم عبدي، حين قال له: «إذا جئت للمطالبة بحقوق الأكراد فلا داعي، فمبدئي أن الأكراد مواطنون سوريون متساوون، وأنا أحرص على حقوقهم أكثر منك».
وأكد الشرع أن اتفاق 10 مارس مع عبدي شكّل للمرة الأولى مساراً مدعوماً من الولايات المتحدة وتركيا للحل، لكن بعض الأجنحة داخل «قسد» وحزب العمال الكردستاني عمدت لعرقلته.
وأوضح الشرع أن «قسد» التي تجاهلت دعوة الزعيم الكردي عبدالله أوجلان لحل نفسها، أصبحت تشكل تهديداً للأمن القومي في تركيا والعراق، لافتاً إلى أن أنقرة امتنعت سابقاً عن شن عمليات عسكرية ضدها استجابة للجهود السورية، لكنه ألمح إلى أن صبر تركيا قد ينفد مع نهاية العام إذا لم يتحقق الاندماج.
وبالنسبة للدروز، أوضح الشرع أن سورية تعرف كيف تحارب لكنها لم تعد تريد الحرب، مشيراً إلى أن أحداث السويداء الأخيرة جاءت بمثابة «فخ مدبر» في وقت كانت المفاوضات مع إسرائيل على وشك الانتهاء.
لا ثقة بإسرائيل
وحول المفاوضات مع إسرائيل، أشار الشرع إلى أن المفاوضات بوساطة أميركية معها أوشكت على التوصل إلى اتفاق قد يوقع خلال أيام، هو شبيه باتفاق عام 1974 وأكد أن ذلك «لا يعني بأي حال تطبيع العلاقات أو انضمام سورية إلى اتفاقات أبراهام».
وقال الرئيس السوري: «إذا كان السؤال هل أثق بإسرائيل؟ فالجواب: لا أثق بها، واستهدافها لمبنى الرئاسة ووزارة الدفاع يعد إعلان حرب»، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل لا مفر منه، بينما يبقى الالتزام الإسرائيلي بهذا الاتفاق موضع شك.
من جهة ثانية، اعتبر الشرع أن مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة «منعطف جديد سابقة تاريخية»، لأنها المرة الأولى منذ 60 عاماً يشارك فيها رئيس سوري في هذه الاجتماعات.
وشدد على أن سورية أصبحت جزءاً من النظام الدولي ولم تعد دولة مصدرة للمخدرات أو اللاجئين أو الإرهاب، مشيراً إلى أن 90% من تجارة المخدرات توقفت، وأن مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم رغم عدم انطلاق عملية الإعمار بعد.
ثلاث دوائر
وفي إطار الترتيبات الأمنية المستقبلية مع إسرائيل، نشر المعهد الأميركي لدراسات الحرب (ISW) خريطة تفصيلية، توضح مقترحاً لتقسيم المنطقة الجنوبية إلى ثلاث دوائر جغرافية وأمنية، الأولى، ستشهد توسيع المنطقة العازلة الحالية داخل القنيطرة بمقدار كيلومترين ما يعزز المسافة الفاصلة بين قوات الجانبين.
والثانية لم يُحسم حجمها بدقة، لكنها تقع مباشرة بعد المنطقة العازلة وتُعد الأقرب إلى إسرائيل، ووفق المقترح، لن يُسمح للقوات السورية أو للأسلحة الثقيلة بالانتشار فيها، في حين سيُسمح لجهاز الأمن العام والشرطة بدخولها وممارسة نشاطها.
والثالثة تمتد من الثانية وحتى دمشق، وستُصنف كمنطقة حظر جوي، ولا يزال غير واضح ما إذا كانت ستُفتح أمام انتشار القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة، أو ستخضع لقيود إضافية.
وفي ظل التهديد المتنامي بالتقسيم سورية وتحوّل نهر الفرات لجبهة ساخنة لفصله بين أكبر معسكرين مسلحين هو الجيش والأكراد، واصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية في انتهاك لاتفاق فض الاشتباك عام 1974، ولقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة».
وتوغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بسبع سيارات عسكرية في قرية عابدين وأطراف قرية كويا بمنطقة حوض اليرموك في ريف درعا، بعد يوم من اجتياح مماثل في قرى أوفانيا وخان أرنبة وجباثا الخشب في ريف القنيطرة.
وفي واشنطن، أجرى وزير الخارجية أسعد الشيباني سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين وأعضاء بالكونغرس بمجلسيه بحضور مبعوث سورية توماس براك.
وقبل لقائه نظيره ماركو روبيو ونائبه كريستوفر لانداو، تناول الشيباني مع مسؤولي وزارة الخزانة سبل إعادة ربط الاقتصاد السوري بالنظام العالمي بشكل مسؤول وآمن وتعزيز الجهود المشتركة في مكافحة تمويل الإرهاب.
والتقى الشيباني مع النائب الجمهوري جو ويلسون الذي دعا الكونغرس إلى إلغاء قانون (قيصر) «بالكامل». كما بحث الشيباني مع اللجنة الأميركية للحريات الدينية العالمية، سبل تعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب والثقافات.
وخلال أول زيارة رسمية لوزير سوري للولايات المتحدة منذ 25 عاماً رفع الشيباني أمس العلم فوق مبنى السفارة السورية في واشنطن.
في المقابل، أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نعوم قرار إلغاء تصنيف «وضع الحماية المؤقتة» (تي بي إس) الخاصة للسوريين، معتبرة أن «سورية الآن لم تعد تمنع مواطنيها من العودة إلى ديارهم بعد أن كانت بؤرة للإرهاب والتطرف لما يقرب من عقدين من الزمن».
وفي تركيا، بحث معاون وزير الداخلية عبدالقادر طحان مع نظيره التركي منير كارال أوغلو، سبل تعزيز التعاون الأمني وتدريب الكوادر.
وبحث الجانبان تنفيذ الاتفاق المتعلق بإيفاد عدد من العاملين في وزارة الداخلية إلى تركيا لتلقي تدريبات تخصصية في مجالات أمنية متعددة، بما يسهم في تطوير الأداء ورفع الجاهزية، إضافة لمشاركة سورية في معرض أدوات الأمن الداخلي وتفعيل التعاون مع منظمة الإنتربول الدولي لتعزيز العمل الأمني المشترك ومكافحة الجريمة المنظمة.