مع استمرار انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات الأرضية جراء استهداف الاحتلال مسارات رئيسية للشبكة الأرضية في قطاع غزة الفلسطيني لليوم الثاني على التوالي، أظهرت صور أقمار اصطناعية بثتها شبكة «سي إن إن» أن الدبابات الإسرائيلية باتت تحاصر غزة مع تواصل نزوح عشرات الآلاف من المدينة التي يقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة تحت وطأة تصاعد القصف الجوي والمدفعي مع بدء الجيش الإسرائيلي المرحلة الأساسية من عملية «عربات جدعون 2» الرامية للسيطرة على كل أحياء مركز القطاع المنكوب.

وعمقت دبابات جيش تقدمها في منطقة شمال مدينة غزة بوصولها لحي الصفطاوي وشارع الجلاء من الجهة الشمالية وهو الشارع الرئيسي الذي يربط جنوب المدينة بشمالها.

Ad

وإضافة إلى توغل الدبابات بمنطقة الصفطاوي ذات الكثافة السكانية العالية وقرب المباني التي أجبر سكانها على مغادرتها، تقدم جيش الاحتلال باتجاه حي الكرامة إلى الشمال انطلاقاً من مناطق تمركز آلياته في حي الشيخ رضوان.

وواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات نسف مبانٍ سكنية بعدة طرق بينها المركبات المفخخة في المنطقة الشمالية لمدينة غزة وخصوصاً في حي الشيخ رضوان ومنطقة أبراج المقوسي بموازاة عمليات قصف في المناطق الشمالية الغربية.

وأبطأ الاحتلال من وتيرة عملياته في المحور الثاني لتوغله جنوب مدينة غزة، بعد إعلانه عن إنشاء ممر للنازحين باتجاه وسط وجنوب القطاع عبر شارع صلاح الدين.

وفي حين قتل 4 جنود في انفجار عبوة ناسفة برفح الفلسطينية جنوب القطاع، ذكرت مصادر طبية أن حصيلة قتلى الحرب ارتفعت إلى 65141 من بينهم 84 سقطوا اليوم، فيما اشتدت المجاعة جراء إعادة الاحتلال إغلاق جميع المنافذ والمعابر البرية بشكل كامل.

في سياق توسع العلمية البرية، قدرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن نحو 7500 مقاتلا موجودون في منطقة مدينة غزة، حوالي 5000 من «حماس» و2500 من «الجهاد»، وأن الأولى تعمل على تجنيد عناصر، وإعادة بناء الأنفاق، وإعداد المتفجرات استعدادا لحرب عصابات في المدينة التي تمثل مركز الثقل لسلطتها الحاكمة.

وخلال مناقشات سرية باللجنة الأمنية للكنيست، أشار ممثل مجلس الأمن القومي إلى أن تطويق مدينة غزة وإخلاء سكانها سيكتمل بحلول 6 أكتوبر، عشية الذكرى الثانية لهجوم «طوفان الأقصى»، وأن الاقتحام الكامل سينطلق لاحقاً، في حين اعتبر الجيش أن عملية احتلال المدينة قد تستمر عدة أشهر.

وغداة تحذير الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك إسبانيا فيليب السادس من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين كونه يشكل عدواناً وتهديداً لأمن دول الجوار وأوروبا، اتهم جيش الاحتلال «حماس» بتضليل سكان القطاع، عبر «منشور مزيف» ودفعهم إلى التوجه نحو مناطق غير آمنة لم يحددها لاستقبال النازحين خلال تنفيذ قواته عملياتها العسكرية في مركز القطاع باتجاه رفح المصرية وسيناء.

وفي وقت واصلت سلطات الاحتلال حملات الاعتقالات والتنكيل بالمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، قتل إسرائيليان يبلغان من العمر 60 و20 عاماً، بإطلاق نار في «معبر الملك حسين» على الحدود بين الضفة والأردن. وذكرت سلطات الاحتلال المسيطرة على المعبر أنها قتلت المهاجم، زاعمة أنه كان يقود شاحنة مساعدات في طريقها إلى غزة.

في غضون ذلك، ذكرت أوساط عبرية رسمية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فوض رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بحشد الأطراف الإقليمية والدولية حول اقتراح بلوره الأخير بإنشاء هيئة انتقالية لإدارة قطاع غزة حتى يتم تسليمه للسلطة الفلسطينية.

وبحسب الادعاءات الإسرائيلية فإن خطة بلير لـ»اليوم التالي» طورت مقترحات لإنهاء الحرب بشكل فعلي، حيث توصلت إدارة ترامب إلى استنتاج مفاده بأن موافقة الأطراف الرئيسية بشأن الهيئة التي ستحل محل «حماس» ضرورية لضمان اتفاق لوقف إطلاق نار دائم وإطلاق سراح الرهائن.

وينص الاقتراح الذي لم يكشف عنه من قبل على مسودة مطورة وموثقة، لإنشاء «سلطة غزة الانتقالية الدولية» (GITA) إلى جانب سلسلة من الهياكل التابعة لها.

ونفت الأوساط الإسرائيلية، عن خطة بلير، المشاركة بأي جهد لتهجير الفلسطينيين من غزة أو تبني مقترح «ريفييرا ترامب»، وزعمت أنه أوصى بإنشاء «وحدة لحفظ حقوق الملكية» تهدف إلى ضمان ألا يمس أي رحيل طوعي لسكان القطاع بحقهم في العودة إليه أو الاحتفاظ بملكيتهم.

في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية بالسلطة الفلسطينية، أن تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشأن مناقشات يجريها مع الأميركيين لتقاسم الثروة العقارية بالقطاع الفلسطيني، بأنها تمثل اعترافاً رسمياً بمخططات الإبادة والتهجير، فيما وجهت «حماس» نداء لمواصلة وتصعيد الحراك العالمي المتضامن مع غزة رفضاً لممارسات الإبادة والتجويع الإسرائيلية خلال الأيام الـ3 المقبلة.

على الصعيد الدولي، دفعت الدول العشر المنتخبة بمجلس الأمن الدولي باتجاه إجراء تصويت جديد على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق نار دائم بغزة رغم معارضة الولايات المتحدة.

وتزامن ذلك مع مناقشة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي خلال اتصال هاتفي مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف تطورات غزة والملف النووي الإيراني، والتنسيق المشترك لخفض التصعيد بالمنطقة، حيث حذر الأول من المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين معتبراً إياهاً تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

وفي مدريد أعلن القضاء الإسباني فتح تحقيق في «انتهاكات غزة» لتقديم أدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية في خطوة تبعها إعلان مماثل من قبل القضاء البريطاني.

وفي بكين، اعتبرت الخارجية الصينية أن إسرائيل تفتقر إلى الذكاء السياسي نافية صحة اتهام نتنياهو لبلدها بأنها تساعد مع قطر في فرض حصار سياسي وإعلامي على تل أبيب.

وفي حين تستعد عدة دول كبرى في مقدمتها بريطانيا للاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال مؤتمر «حل الدولتين» المقرر الأسبوع المقبل في خطوة هددت إسرائيل بالرد عليها بخطوات أحادية تتضمن فرض السيادة على الضفة الغربية، كشفت مصادر لوكالة «رويترز»، اليوم، أن الإمارات قد تخفض مستوى علاقاتها مع الدولة العبرية إذا ما أقدمت على تنفيذ تهديدها، ملمحة إلى احتمال سحب أبوظبي لسفيرها من تل أبيب.