بدأ الملك خوفو يتنفس هواء نقيًا في غرفته داخل هرمه الأكبر في منطقة أهرامات الجيزة التاريخية العتيقة، التي تُعدّ آخر عجائب الدنيا السبع الباقية، بعد تطبيق تقنية حديثة أخيرًا تحقق هذا الغرض بهدف الحفاظ على الآثار من التلف، وهي تجربة سبق تطبيقها في مزارات تاريخية وأثرية وأثبتت كفاءتها.

بخطوة رائدة تجمع بين حماية التراث وتبنّي أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، شهد هرم خوفو الأعجوبة الأثرية الخالدة تركيب أجهزة تنقية هواء متطورة باستخدام تقنية البلازما كلاستر داخل غرف الملك خوفو وزوجته.

Ad

هذه المبادرة الفريدة جاءت ثمرة تعاون بين وزارة السياحة والآثار المصرية، ومجموعة العربي، وشركة شارب اليابانية، في إطار جهود الحفاظ على الإرث الحضاري المصري وتعزيز تجربة زائري الهرم من خلال توفير بيئة أكثر أمانًا واستدامة.

مواجهة التحديات

وتمثّل هذه التقنية الحديثة نقلة نوعية في منهجية الحفاظ على الآثار، حيث تتعدى أهمية المشروع مجرد تنقية الهواء إلى حماية المكونات الأثرية من التلف. فالأهرامات التي صمدت لآلاف السنين، تواجه اليوم تحديات أبرزها التلوث والرطوبة والملوثات العضوية المتطايرة الناتجة عن تنفّس الزوار وملابسهم، والتي تسرّع من عمليات التآكل الكيميائي والبيولوجي للحجر والرسوم الأثرية.

تمثال الملك خوفو

ومن هنا تبرز قيمة تقنية البلازما كلاستر التي تطلق أيونات تشبه تلك الموجودة في الطبيعة، لتحيط بالجسيمات الدقيقة والبكتيريا والعفن وتعمل على تحييدها، مما يسهم في خفض مستويات الرطوبة الضارة، ويحد من التفاعلات الكيميائية المدمرة، ويوفر حماية استباقية للجدران الأثرية، بخلاف أنها تعمل على توفير تجربة صحيّة أكثر أمانًا للزوار.

ورغم تفرُّد تطبيق هذه التقنية داخل نصب أثري بحجم هرم خوفو، فإن العالم شهد سوابق ملهمة لاستخدام التكنولوجيا في حماية التراث، ففي متاحف أوروبا العريقة، مثل اللوفر في باريس، والمتحف البريطاني في لندن، تُستخدم أنظمة متطورة لترشيح الهواء والتحكم في المناخ لحماية القطع الفنية الحساسة.

وتُعدّ كهوف لاسكو في فرنسا من الأمثلة الأكثر دلالة، حيث تم تركيب نظام متكامل بداخلها للتحكم في المناخ وتنقية الهواء للحفاظ على الرسوم الصخرية القديمة من تأثير الرطوبة وثاني أكسيد الكربون. كما أن كنيسة سيستين في الفاتيكان تستخدم نظامًا معقدًا لتنقية الهواء لحماية لوحات مايكل أنجلو الخالدة من تأثيرات التلوث.

افتتاح المتحف الكبير

وتزامن هذه الخطوة في أهرامات الجيزة مع قرب الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، في المنطقة الأثرية ذاتها، في مطلع نوفمبر المقبل، وتُجرى حاليا الاستعدادات الأخيرة لحفل الافتتاح، الذي وعد المسؤولون المصريون بأنه سيكون «استثنائيًا» بما يليق بتاريخ مصر وحضارتها.

ماكينات الخدمة الذاتية

يُشار إلى أن منطقة أهرامات الجيزة شهدت في أبريل 2024 بدء تشغيل 4 ماكينات للخدمة الذاتية لشراء تذاكر دخول منطقة الأهرامات الأثرية، وهي خطوة جاءت في إطار تنفيذ خطة وزارة السياحة والآثار المصرية للتحوُّل الرقمي بما يدعم سياحة الآثار والسياحة الثقافية، وذلك ضمن مشروع تطوير الخدمات في المنطقة ذات الطابع العتيق، وتحسين تجربة السياحة بها.