لماذا الكتابة مجدداً عن محمية الشامية؟ أليس في جغرافية دولة الكويت محميات أكبر حجماً وأكثر تنوعاً؟ ربما كان موقعها بالديرة يمنحها أهمية جغرافية تجعلها أقرب للزيارة.
وربما - وهذا هو الأهمّ - أنها صارت أشبه بمنتدى يعجّ بالحركة والنشاط والهمّة والعزيمة التي تقف وراءها سيدات كويتيات فاضلات، إلى جانب أشخاص متطوعين وأصدقاء للبيئة الخضراء وكل ما يمتّ بِصِلة لجعل الكويت أكثر اخضراراً وأماناً من المخلفات الضارة بالعيش الصحي.
عندما تدخل المحمية وترى بعينيك ذاك النشاط والتجمعات التي لا تتوقف تشعر بالسعادة وأنت تتحدث مع السيدة أديبة الفهد حول تعلُّم كيفية تدوير المخلفات الزراعية لإنتاج الأسمدة العضوية، وهي الحريصة على متابعة أي نشاط أو تجمُّع خليجي وعربي له صلة بالزراعة والبيئة والأمن الغذائي، وآخرها ما تقوم به المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومشاركتها بها، والاستفادة من خبرات إماراتية وسعودية وأردنية بمجال تأمين الأعلاف من المخلّفات الزراعية.
جلست في «هايد بارك» محمية الشامية لساعات وأنا أستمتع بصورة المتطوعين والمتطوعات المنضوين تحت اسم «لوياك»، التي تقودها السيدة فارعة السقاف.
23 متطوعة ومتطوعاً سيعملون داخل المحمية على مدى أسبوعين، ضمن مشروع المتطوع الأخضر القائم منذ عام 2022، وهو برنامج يتنقل على مساحة الكويت.
أما في محمية الشامية فتشرف عليه حصة المليفي، إلى جانب السيدة باسمة ذات الخبرة العريقة بأعمال المتطوعين.
تقوم حصة بترتيب ورش عمل عن الزراعة المستدامة وكيفية تطبيقها في حياتنا العملية، وكيف يمكن تقليل الاستهلاك من المياه والكهرباء والبلاستيك للمحافظة على البيئة.
وانقسم فريق المتطوعين إلى مجموعات تحلّقت حول بذور شجرة اللوسينا للتعرف على خصائصها وفوائدها، فهي أولاً شجرة سريعة النمو تسحب النيتروجين من الأرض، وبذورها تستخدم للأعلاف، وهي من فصيلة البقوليات، وبكلام أوضح هي كنز غذائي متكامل للإنسان والحيوان والتربة، وبذورها أيضاً تُطبخ مثل الخضار، وفي الوقت نفسه سماد للتربة، وتتحمل تقلبات درجات الحرارة، وجاذبة للنحل، لأن زهورها مرعى طيّب لها.
وقد أضفتْ الفنانة التشكيلية والنحاتة نوال القريني على التجمّع الذي التقت فيه سيدات متطوعات يعملن على خياطة مخلّفات الملابس، أجواءً من الثقافة العامة عن الحرباء التي أحضرتها إلى المحمية بقفص خاص وتركتها تسرح وتمرح مع الزوار والمتطوعات، وراحت تروي لهم حكاية الحرباء على الطبيعة، بعدما أفرحتنا جميعاً بخبر إنجابها «حرباء جديدة».
لا تظلموا الحرباء، هكذا دافعت القريني عن هذا المخلوق الذي منحه الله خاصية تغيير لون جلده بحسب المكان الذي يكون فيه، حماية له من الأعداء، فالحرباء تتمتع بقدرة عالية على تغيير لونها بسرعة، وفي ثوان، إلى الألوان التي تتطابق مع البيئة المحيطة بها.
وهي بعكس بعض رجالات السياسة والعامة من الناس الذين يغيّرون آراءهم عندما يكون ذلك في مصلحتهم، ويشبهونهم بـ «الحرباء»، أو عندما يطلقون على إحداهن أن لسانها طويل مثل الحرباء الذي تُخرجه من فمها استعداداً للانطلاق كالبرق نحو أي حشرة تكون في متناول يدها.