سقطة كبيرة للحكومة حين قررت رفع المعاش التقاعدي الاستثنائي للوزراء إلى 9000دينار، بعد أربعة أيام فقط من طلب مجموعة كبيرة من النواب إلغاء المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية الذي يخوّل الحكومة سلطة تقرير الزيادة، وهي سلطة قد تشوبها مثالب دستورية بالأساس، لكنّ ما نشرته الصحافة عن مفاجأة النائبة جنان بوشهري في هذا الموضوع، يمثّل فضيحة للحكومة ويطيح أي مصداقية حقيقية أو موهومة للحكومة، فهي هرولت لتقرير زيادة مالية مكلفة للمال العام ـ 70 مليون دينار سنوياً - حين عرفت مسبقاً عن توجّه المجلس لإلغاء نص المادة السابقة.

ماذا نسمّي هذا غير انتهازية مخجلة بحق الحكومة التي رفعت بالأساس شعار محاربة الفساد والهدر المالي؟ وبم تبرر مثل ذلك السلوك؟ وكيف تدعو النواب إلى التصرف بحكمة في قضايا الهدر المالي والمحافظة على مستقبل الأجيال، بينما يمثّل تصرفها خرقاً لمبادئ دعت إليها بدايةً، ولم تتردد عن انتهاكها في الوقت ذاته؟

يقولون إن فاقد الشيء لا يعطيه، وهذا ما يصدُق على سلوك الحكومة، وكم سيكون من الصعب على السلطة أن تُقنع الناس الآن بأن المطالبات غير المعقولة للكثير من النواب بإسقاط القروض ستكون كارثية على ميزانية الدولة.
Ad


مرة أخرى، لنعود إلى كتاب مكيافيلي الزمن الحالي، وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كسينغر، وهو واحد من أهم روّاد السياسة البرغماتية بكل شرورها وحسناتها، ففي كتابه «القيادة»، يقرر أنه «... لا غنى عن القيادة في كسب الثقة والوفاء بالوعود... هناك حاجة إلى القيادة لمساعدة الناس على الوصول إلى واقع جديد أفضل لم يكونوا فيه من قبل، ولم يتخيلوا الذهاب إليه من قبل...»، فهل تستوعب السلطة مثل هذا الكلام، وأي ثقة ضئيلة كانت لها يوماً ما أحرقتها في غفلة من الزمن؟!