خسارة منتخب الشباب وخروجه المبكر من بطولة الخليج الأولى للشباب، وخسارة المنتخب الأولمبي من التصفيات المؤهلة لكأس آسيا تحت 23 سنة، لم تكونا مفاجئتين إطلاقاً. المفاجأة الحقيقية كانت في المستوى الهزيل، والأداء المربك، والأخطاء البدائية التي ارتكبها المنتخبان خلال مبارياتهما في البطولتين، والتي لا تُرتكب في دوري المدارس، فكيف في منافسات إقليمية وقارية يفترض أن تُجهّز لاعبيك لتمثيل المنتخب الأول مستقبلاً؟
لذلك لا يمكن اعتبار خروج المنتخبين صدمة لأحد، بل العكس، الصدمة كانت لو فازا، لأننا ـ ببساطة ـ اعتدنا «خروجاً بلا وداع»، و«مشاركة بلا بصمة»، و«خططاً بلا خطة»، فما شاهدناه لا يمكن اختصاره بـ «يوم غير موفّق»، بل هو امتداد طبيعي لما تعانيه كرتنا المحلية: غياب المنهجية، وضعف التخطيط، وانعدام الرؤية لتطوير المواهب.
وربما لا نبالغ إن قلنا أن الأسوأ من ذلك أن الخسارة لم تكن مجرد نتيجة، بل كانت عرضاً متكاملاً من العشوائية الفنية، وغياب التنظيم، والارتجال في الأداء. فالبعض يعتقد أن مجرد «الحماس والركض» هو مفتاح الفوز. لا يا عزيزي صحيح أن الروح القتالية والحماس كانا حاضرين في بعض اللحظات، لكن في كرة القدم الحديثة، هذه الأشياء وحدها لا تكفي ولا قيمة لها إذا لم ترافقها خطة محكمة من المدرب... فبدون وعي خططي من الكادر التدريبي، وفهم وإدراك من اللاعبين لما يُطلب منهم داخل الملعب، يتحول الحماس إلى طاقة ضائعة، و«الركض» إلى فوضى غير منتجة! والنتيجة؟ خروج مذل أمام منتخبات بلا تاريخ أو اسم ولا تمتلك عُشر ما نمتلكه ونستطيع الحصول عليه متى ما صدقت النوايا.
ومع ذلك، سنكون منصفين: هناك بعض الأسماء اللامعة فعلاً، والتي تملك خامة جيدة وأعطت لمحة أمل وسط هذا الظلام الكروي... لكن للأسف الموهبة وحدها لا تكفي، هؤلاء اللاعبون بحاجة إلى كوادر فنية تملك رؤية واضحة، وقدرة على صقل هذه المواهب، وليس مدربين هواة بشكل بلباس محترفين ومتخصصين لا يملكون من الخطة إلا الاسم. كما يحتاجون إلى إداريين يفهمون أن إعداد المنتخبات ليس مجرد تسجيل حضور، بل مسؤولية وطنية.
وهنا، لن نرمي الكرة في ملعب الاتحاد وحده. مجلس الإدارة الحالي – نختلف أو نتفق معه – يحاول قدر المستطاع أن يعمل ضمن الإمكانات المتاحة. لكن المشكلة أكبر من الاتحاد. الأندية «نائمة في العسل»، والهيئة العامة للرياضة تدعم «بالقطّارة»، وتصدر تصريحات عن الاهتمام بالفئات السنية أكثر مما تصرف فعلياً عليها.
بنلتي
إذا أردنا مستقبلاً كروياً مشرقاً فإننا نحتاج إلى نظام احترافي حقيقي، لا بطولات بـ «البركة»، ولا مواهب بـ«الحظ»، ولا دعم بـ«القطارة»... لأن الكرة الحديثة «ما ينفع معاها البرستيج والتصوير بس»، «نبي ناس تشتغل بدون فلسفة»! وإلا تحول المستقبل الواعد إلى أمس مؤسف.